للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدعوات من جامعه، ورواه البزار وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة بنحوه، وذكر البزار فيه أن القائل ما رأينا هو أبو بكر رضي الله عنه، وقال في آخره: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ألا أدُلكَ على ماهو أسرعُ إياباً (١) وأفضل مغنماً (٢): من صلى الغداة في جماعة، ثم ذكر الله حتى تطلع الشمس.

١١ - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع (٣) في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناً (٤).

رواه مسلم وأبو داود.


(١) عودة.
(٢) شيئاً نالوه من المال، والذخائر، والثواب.
(٣) التربيع: جعل الشئ مربعا ومنه تربع أي جلس متربعاً.
(٤) طلوعاً حسناً، بمعنى يعم ضوؤها المعمورة.
فقه الباب
أ - السيد المصطفى صلى الله عليه وسلم يدلك على تجارة رابحة وخطة ناجحة، أن تستيقظ مبكراً ثم تصلى الصبح وتستمر على مصلاك حتى مطلع الشمس، وتتنفل بركعتين ليكتب لك ثواب أجر حجة تامة، وثواب من أحسن إلى المسلمين بالحرية المطلقة، وفك أسر المأسورين، وأزال كرب المكروبين.
ب - ثم إذا انتظرت نحو نصف ساعة من طلوع الشمس، وصليت ركعتى الضحى طهرت، من الدنس ونقيت صحيفتك من الخطايا وإن كانت مثل رغوات البحر وزبده، وأوجب الله لك الجنة عدلا ورأفة وأخذت لنفسك جائزة البراءة من النار، والنجاة من الأشرار، وحسبانك مع الأبرار الأطهار، وبسط الله لك في رزقك وشعرت بالفرح وذهبت إلى عملك قرير العين مثلوج الفؤاد. باسم الثغر. ممتلئاً قوة ونشاطا وثقة بالله، واعتمادا عليه لأنك تحس برضا مولاك، وإحاطة رحمته بك كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث (أولئك أسرع رجعة وأفضل غنيمة) لعمرى. شعور الإنسان بأداء واجب ربه محور السعادة ومجلس السيادة والسرور، ومدعاة لرضا المخلوق، وهذا معنى الحديث. وقد قال الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تليهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، لجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضه؛ والله يرزق من يشاء بغير حساب) ٣٩ من سورة النور.
أي كمشكاة في بض بيوت، والمراد بها المساجد. إن هذا تمثيل لصلاة المؤمنين الذين ينزهونه ويصلون له في المساجد بالغدوات والعشيات. لا تشغلهم معاملة رابحة عن الله، ويحافظون على الصلوات، وإخراج المال للمستحقين خشية هول يوم تضطرب فيه القلوب. فلا تفقه، وتتغير الأبصار، فلا تبصر، فتنقلب من توقع النجاة، وخوف الهلاك، والأبصار تطيش من أي ناحية يؤخذ بهم، ويؤتى كتابهم. رحماك اللهم رحماك الآن تجنى ثمرة الأعمال في النيا. فيتجلى الله على المسبحين الخائفين منه جل وعلا، ويجزيهم أحسن جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنة (ويزيدهم من فضله) أي يعطيهم أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم، ولم تخطر ببالهم (والله يرزق) تقريراً لزيادة، وتنبيها على كمال القدرة، ونفاذ المشيئة، وسعة الإحسان.
إن شاهدى في الآية (يسبح له فيها بالغدو والآصال) والغدو: وقت الصبح، والآصال: جمع أصيل بعد العصر، ويسمى العشايا، وكان الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم يصلون الفجر، وينتظرون على =

<<  <  ج: ص:  >  >>