للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُلْقىً. رواه الطبراني في الكبير، والأعمس لم يدرك ابن مسعود.


= د - (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) صلى الله عليه وسلم: هو خير مظهر للأدب العالى والتعليم السامى والإرشاد الواقى، وأخلاقه طبقة، وأعماله وفقة، وعقائده صدقة. خلق من كلماته أمة وبنى أشمخ بناء المجد والعظمة، وسر ذلك الاستقامة والصلاة التى هى التسلية والرياضة البدنية والحصون المانعة من المكاره لمن أداها تامة، فقد روى أن أبا جهل قال: لو رأيت محمداً ساجداً لوطئت عنقه، ثم نكص على عقبيه، فقيل له: مالك؟ فقال: إن بينى وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة. هذه شهادة عدو اعترف بفائدة الصلاة. الوقاية من السوء وحفظ الله للمصلى من الكيد والدس. ولذا نزل قوله تعالى: (أرأيت الذى ينهى عبداً إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب) ١٠ - ١٩ من سورة العلق. كلا: حرف ردع وزجر وقريع لأبى جهل الناهى والله إن لم ينته عن معاكسته لك يا رسول الله لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار، ونقبض على أم رأسه، ونجذبه بشدة ونؤذيه ونؤلمه، فليطلب أهل ناديه ليعينوه، وهو المجلس الذى ينتدى فيه.
روى أن أبا جهل لعنه الله مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فقال: ألم أنهك، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتهددنى؟ وأنا أكثر أهل الوادى ناديا، فنزلت (سندع الزبانية) سنوجه أهل جهنم ليجروه إلى النار، وهنا شاهدنا (لا تطعه واسجد واقترب) أي اثبت أنت على طاعتك ودوم على سجودك وأكثر من صلاتك وتقرب إلى ربك، وفي الحديث: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد) ولعلك فهمت يا أخى الحكمة من تشديد النبى صلى الله عليه وسلم على الاطمئنان في الركوع والسجود والاعتدال فيهما، ولعل العرب كانوا يأنفون من الركوع والسجود ويرونهما ذلة وخضوعا، فجاء الإسلام فذللك هذا الخلق لله تعالى وجعل السجود صفة ملازمة لعباد الرحمن الأولياء الصالحين المحافظين على الصلاة ليل نهار. قال تعالى عنهم (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً) ٦٥ من سورة الفرقان: يظلون الليل يعبدون الله تعالى ويتهجدون وخص البيتوتة لأن العبادة بالليل أدعى إلى الإجابة، وأبعد عن الرياء. وقد أمر الله سبحانه وتعالى اللاهين المتكبرين المغترين بالدنيا وزهرتها:
أ - (فاسجدوا لله واعبدوا). وكذا أمر حبيبه صلى الله عليه وسلم:
ب - (فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص). وكذا أمر المسلمين المؤمنين:
جـ - (ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) ٧٨ إلى قوله تعالى:
د - (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) من سورة الحج تحد أعزك الله الأمر بالصلاة والزكاة، وطلب الثقة به في مجامع الأمور حتى لا يطلب المسلمون الإعانة والنصر إلا منه جل جلاله لأنه سبحانه مولانا وناصرنا وحافظنا وراحمنا ومحسن إلينا، ورءوف بنا، ولا مولى ولا نصير سواه. وقد سمعت شهادة أبى جهل بالحصون المنيعة حول محمد صلى الله عليه وسلم. حاشا! إنه عليه الصلاة والسلام أول من يعتصم بربه فصانه من كيد أعدائه ورد خنجرهم في نحرهم وسيفهم في جسومهم، وباءوا بالفشل والهزيمة، ومصداق ذلك قول الله تبارك وتعالى: (فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيما) تجد يا أخى التقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات سبب فضل الله، وزيادة الدرجات، وقيل المكارم، وجماع ذلك الكلام (لمن أتم ركوعها وسجودها) وإن الله تعالى أمر غير المسلمين أولاد سيدنا يعقوب عليه السلام: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) ٤٤ سورة البقرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>