للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي روايةٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قام في الصلاة فالتفت (١) رد الله عليه (٢) صلاته.

٩ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: لا يزال الله مقبلاً على العبد (٣) بوجهه


= أ - (تلك آيات الكتاب الحكيم ٢ هدى ورحمة للمحسنين ٣ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ٤ اولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ٥) من سورة لقمان.
إن اسم الإشارة عائد على الفائزين المهتدين. لماذا؟ لأن خلالهم أداء أوامر الله على أن لقمان الحكيم الذى عاصر سيدنا داود عليه السلام كان من نصائحه بعد توحيد الله جل وعلا المحافظة على إقامة الصلاة.
ب - (يابنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) ١٨ من سورة لقمان.
قال البيضاوى: (أقم الصلاة) تكميلا لنفسك (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) تكميلا لغيرك. هذه نصيحة رجل حنكته التجارب، وعلمته طاعه الله أن يرشد ابنه إلى الصلاة أنها تكسوه الكمال والجمال والبهاء والهناء ويأمره بالصبر (واصبر على ما أصابك) أي في ذات الله تعالى إذا أمرت بمعروف، ونهيت عن منكر أو اصبر على ما أصابك من المحن، فإنها تورث المنح، إن الذى وصيتك به (من عزم الأمور) أي مما عزمه الله من الأمور، أو قطعه قطع إيجاب وإلزام، وأمر به أمراً حتما أهـ نسفى ص ٢١٦. والمراد بالصبر: التسليم لأحكام الله تعالى، والرجوع فى كل الأمور لله جل شأنه، فالصلاة يا أخى عماد الدين قدمها لقمان أولا، وهى سبب مناجاة الله تعالى. واعلم أن الالتفات مضيعة الثواب، وإعراض عن الله جل جلاله، وباب الخير، ومصدر العز، وشمس الاستقامة، والتسلية للنفس، وسُلْوانها عند الشدة، وقد أمر الله تعالى بها سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عند ما ذكر سيدنا موسى عليه السلام الكتاب وأعمال فرعون معه، ونصر الله له. قال تعالى. (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بنى إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولى الألباب فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشى والإبكار) والإبكار: الفجر، والعشى: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وإن شاهدنا (وسبح) أي دم على التسبيح والتحميد لربك، وقيل صل لهذين الوقتين، إذ كان الواجب بمكة ركعتين بكرة، وركعتين عشيا، وإن ثلاث خلال حميدة أمرنا الله بها ترفع الرجال إلى مراتب الكمال: الصبر على المكاره لله، وطلب المغفرة من الله، والصلاة لله عز شأنه فاصبر يا محمد حتى يأتى النصر من ربك كما نصر الأنبياء من قبل، واطلب المغفرة لأمتك ليستنوا بك ويتأسوا. قال الشاعر في الصبر والحزم ص ٣٠٧ جـ ٢ أمالى:
إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت ... وأرست في مكامنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ... ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث ... يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت ... فمقرون بها الفرج القريب
(١) حرك وجهه، ولفت عنقه يمنة ويسرة.
(٢) لم يقبلها، ولا ثواب له، ولم يؤد الفرض.
(٣) سبحانه يتجلى برحمته على عبده، ويحيطه بأنواره مدة خشوعه وعدم التفاته وطهارته، فإذا التفت أو أحدث زالت ظلة الرحمة عنه، وبعدت بركات ربه المحيطة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>