للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربةٌ (١) لكم إلى ربكم، ومكفرةٌ للسيئات، ومنهاةٌ عن الإثم، ومطردةٌ (٢) للداء عن الجسد. رواه الطبراني في الكبير من رواية عبد الرحمن بن سليمان بن أبى الجون، ورواه الترمذي في الدعوات من جامعه من رواية بكر بن خُنَيس، عن محمد بن سعيد الشامى، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولانى، عن بلال رضي الله عنه. وعبد الرحمن بن سليمان أصلح حالا من محمد بن سعيد (٣).

١٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته، فإذا أبت نضخ (٤)

في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضخت في وجهه الماء، رواه أبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والحاكم


(١) يفتح لكم أبواب رحماته، ويتجلى عليكم برضوانه، فيستجاب دعاؤكم، وتشعرون بالرضا.
(٢) في النهاية (هو قربة إلى الله تعالى، ومطردة الداء عن الجسد) أي أنها حالة من شأنها إبعاد الداء، أو مكان يختص به ويعرف، وهى مفعلة مع الطرد. إن هذا وصف طبيب النفوس من قام ليلة صفا جسمه وملك صحته وأزال الله مرضه، وحسبك الالتجاء إلى الحكيم الخالق أن يشفيه (الذي خلقنى فهو يهدين. والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين) ٨٠ من سورة الشعراء.
(٣) ع ص: ٢٠٣ من محمد.
(٤) أن يأخذ قليلا من الماء فيرش به، وقد نضح عليه الماء، ونضحه به: إذا رشه عليه، فيه من السنن العشر الانتضاح. أي يرش مذاكيره بعد الوضوء لينفى عنه الوسواس، يدعو النبى صلى الله عليه وسلم لمن استيقظ ليتهجد فيوقظ زوجه بالرحمة والخير وشموله بالبركة والرضوان، فإذا فتر الصديق أو كسل عن اليقظة أتى خليله وخدنه بقليل من الماء يمره على وجهه ليزول نومه ويبعد كسله ويملك شعوره، ويتعاونان على عبادة الله. هذه التربية العالية أيها المسلمون أن يتفق الرجل وزوجه على طاعة الله، وبذا توجد الثقة والاطمئنان، ويدوم العيش الرغد، وترفرف السعادة بين الزوجين المتآلفين، وحسبك أنهما في ظل الله يوم القيامة، وهما أحد السبعة (اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وقد دعا صلى الله عليه وسلم أيضا للزوجة إن استيقظت للعبادة ودعت زوجها النائم للتهجد. إن الذى يفعل ذلك بتعاليم القرآن، وعمل لآخرته، ودخل في زمرة من قال الله فيهم (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون) ٩٣ من سورة الأنعام.
يقول البيضاوى (مبارك) كثير النفع والفائدة. مصدق الكتاب التى قبله أو التوراة، ولينذر أهل مكة، وأهل الشرق والغرب، فإن من صدق بالآخرة خاف العاقبة، ولا يزال الخوف يحمله على التدبر والنظر حتى يؤمن؛ فالنبى صلى الله عليه وسلم والكتاب والضمير يحتملهما، ويحافظ على الطاعة، وتخصيص الصلاة لأنها عماد الدين، وعلم الإيمان أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>