للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السير، وقيل هو أن يجتهد في السير، ويلحّ فيه حتى تعطب راحلته، أو تقف، وقيل غير ذلك.

لا حسد إلا في اثنتين

٣٨ - وعن سُمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: ليس في الدنيا حسدٌ (١) إلا في اثنتين: الرجل يغبط الرجل أن يُعطيه الله المال الكثير فينفق منه فيكثر النفقة، يقول الآخر: لو لى مالٌ لأنفقت مثل ما ينفق هذا وأحسن فهو يحسده، ورجلٌ يقرأُ القرآن فيقوم الليل وعنده رجلٌ إلى جنبه لا يعلم القرآن فهو يحسده على قيامه وعلى ما علمه الله عز وجل (٢) من القرآن فيقول: لو علمنى الله مثل هذا لقمت مثل ما يقوم. رواه الطبراني في الكبير، وفي سنده لين.

(الحسد) يطلق، ويراد به تمنى زوال النعمة عن المحسود، وهذا حرام بالإتفاق، ويطلق ويراد به الغبطة، وفي نظائره، فإن كانت الحالة التى عليها المغبوط محمودة فهو تمنّ محمود، وإن كانت مذمومة فهو تمنّ مذموم يأثم عليه المتمنى.

٣٩ - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجلٌ آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار. رواه مسلم وغيره.

٤٠ - وعن يزيد بن الأخنسِ وكانت له صحبةٌ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لاتنافس (٣) إلا في اثنتين: رجلٌ أعطاه الله قُرآناً فهو يقوم به آناء (٤) الليل والنهار، فيقول رجلٌ: لو أن الله أعطانى ما أعطى فلاناً فأقوم به كما


(١) هنا غبطة: أي تتمنى أن تفعل خيراً مثله، وليس الحسد المذموم الذى هو تمنى زوال النعمة عن أخيك.
(٢) يبين صلى الله عليه وسلم خصلتين تتمنى أن تتحلى بهما أيها المسلم:
أ - خلة الإنفاق والجود على إنشاء مشروعات الخير، وتشييد الصالحات، وتنظر إلى المحسنين فتتمنى أن يكون لك مال لتعمل مثلهم.
ب - خلة التقوى المنبعثة من قراءة القرآن الداعية إلى التهجد الغارسة دوحات العلم النافع في قلب حافظه فتتمنى أن تنفقه القرآن وتقرأه لتظهر تعاليمه، وتثمر أوراقه في حديقتك.
(٣) كذا في ع ص ٢٠٩ والتنافس للتسابق في الخير وانتهاز فرص نيل الثواب، وفي ن ط اثنين.
(٤) ساعاته جمع إنا بالكسر والقصر، أو جمع آناء بالفتح والمد. قال تعالى: (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى) والمعنى أنه يعظ الناس به في أوقات الليل إن سنحت الفرصة، وكذا في النهار مع العمل به، ويقرأ أمام الفقراء، ويحترم قراءته ونفسه ثم رسخ الإيمان بقلبه فتهجد وذكر الله في السحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>