للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ماقال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: ماحاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت (١) لك من حاجةٍ فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عندهِ فلقى عثمان بن حنيفٍ فقال له: جزاك الله خيراً (٢)، ما كان ينظر في حاجتى، ولا يلتفت إلىَّ حتى كلمته فىَّ، فقال عثمان بن حنيفٍ: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه رجلٌ ضريرٌ فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: أو تصبر (٣)، فقال: يا رسول الله إنه ليس لى قائد، وقد شق (٤)

علىَّ؟ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات،


= طاعة الله، ويعلم ما جهل، ويساعد على قضاء الحاجات وينصح ويشفع عند ولى الأمر، ويهدى الضال ويتوسط عند الحاكم، ويرجو الوالى.
(١) مدة وجود حاجة لك فاحضر عندنا.
(٢) دعاء له بالبركة، وزيادة الثواب.
(٣) أي أطلب من الله جل وعلا أن يزيل العمى عنك، أو تصبر بقدر الله لتنال أجراً جزيلا، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه فصبر عوضه منهما بالجنة) رواه البخاري.
(٤) أتعب في قضاء مصالحى، ولا أحد يدلنى على الطريق، أو يأخذ بيدى إلى الأعمال .. إن هذا الرجل وقف بين يدى الله جل وعلا يخشاه، ويرجو رحمته، وتقرب إلى الله بعمله الصالح، ثم دعاه بدعاء علمه سيدنا وقرة عيوننا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتفضل الله بالإجابة، ورد إليه بصره، الله أكبر صادفته العناية الربانية، وأحاطته الرعاية الصمدانية، وكان هذا بمحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر الله له نظر رحمة وإحسان، ونظر ذلك تحين الفرص لقبول الدعاء ما حكاه الله عز شأنه على أولاد سيدنا يعقوب عليه السلام: (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ٩٧ قال سوف أستغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم) ٩٨ من سورة يوسف. قال البيضاوى: من حق المعترف بذنبه أن يصفح عنه، ويسأله المغفرة. أخر الدعاء إلى السحر أو إلى صلاة الليل، أو إلى ليلة الجمعة تحريا لوقت الإجابة، أو إلى أن يستحل لهم من يوسف، أو يعلم أنه عفا عنهم، فإن عفو المظلوم شرط المغفرة، ويؤيده ماروى أنه استقبل القبلة قائما يدعو وقام يوسف خلفه يؤمن، وقاموا خلفها أذلة خاشعين حتى نزل جبريل. وقال: إن الله قد أجاب دعوتك في ولدك، وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة، وهو إن صح فدليل على نبوتهم، وأن ما صدر عنهم كان قبل استنبائهم أهـ.
فتجد سيدنا يعقوب عليه السلام تخير وقت الإجابة وتضرع إلى ربه، وكذلك الأعمى ساق الله الخير له، ورضى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلمه هذا الدعاء فشفاه الله كما قال الصحابى لسيدنا عثمان رضي الله عنه، (حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرقط) شهادة نقلها السلف للخلف ليلتجئوا إلى ربهم في السراء والضراء، ويدعوه رغباً ورهباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>