(٢) مورد خير ينزل عليه الناس ليستقوا أو يستفيدوا. وفي النهاية في حديث عمر بن سلمة الجرمى: (كنا بحاضر يمر بنا الناس) الحاضر: القوم النزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه، ويقال للمناهل: المحاضر للاجتماع والحضور عليها أهـ. وفيه: (لا يبيع حاضر لباد) الحاضر: المقيم المدن والقرى والنادى: المقيم بالبادية أهـ. فهذا الرجل من السراة الأغنياء، فيسأل طريقة تسبب له السعادة ليرشده صلى الله عليه وسلم إلى ماذا يعمل في ماله ويبين حاله إنفاقه لينال الثواب الجزيل والعز المقيم، فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى الزكاة في المال والثمار والزروع والإحسان إلى أقرابئه، والتصدق على الفقراء والمساكين، وأوصاه بجاره أن يكرمه وينعم عليه، ويتفضل بإغداقه مما أنعم الله عليه فيوزع عليه فاكهة أو يكسوه أو يمده بالمساعدة ويفعل معه معروفا حسب حاجته وأن يعطى السائل ولا يرده خائباً. قال الله تعالى: أ - (آمنوا بالله ورسوله وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) ٨ من سورة الحديد (مستخلفين): أي من الأموال التى جعلكم الله خلفاء في التصرف فيها فهى في الحقيقة له لالكم، أو التى استخلفكم عمن قبلكم في تملكها، والتصرف فيها. وفيه حث على الإنفاق، وتهوين له على النفس أهـ بيضاوى. ب - (فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون ٣٨ وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) ٣٩ من سورة الروم. (ذا القربى) كصلة الرحم، واحتج به الحنفية على وجوب النفقة للمحارم، وهو غير مشعر به (والمسكين وابن السبيل) ماوظف لهما من الزكاة، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لمن بسط له، ولذلك رتب على ما قبله بالفاء. ذلك خير للذين يقصدون بمعروفهم إياه خالصا أو جهة متقرب إليه لا جهة أخرى (المضعفون) ذوو الأضعاف من الثواب ونظير المضعف المقوى والموسر لذى القوة واليسار، أو الذين ضعفوا ثوابهم وأموالهم ببركة الزكاة، والالتفات فيه للتعظيم كأنه خاطب به الملائكة، وخواص الخلق تعريفا لحالهم أو للنعيم كأنه قال: فمن فعل ذلك فأولئك هم المضعفون أهـ بيضاوى.