للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بشر برضوان الله وكرامته عند الاحتضار، وأشرق وجهه، وابتسم ثغره، وانشرح صدره كما في الحديث: (فليس شئ أحب إليه مما أمامه أحب لقاء الله) رواه البخاري.
الدليل الثامن: قال الله تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ١٦ فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ١٧ إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم ١٨ عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم) ١٩ من سورة التغابن. فتنة اختبار لكم، وعد الله المنفق المطيع الذى آثر محبة الله على محبة الأموال والأولاد، والسعى لهم (أجر عظيم) سعة في الرزق، ونعيم مقيم في حياته وبعد موته، ثم أمر المؤمنين أن يصغوا إلى مواعظة وينفذوا أوامره، ويجودوا في وجوه الخير خالصا لوجهه سبحانه (إن تقرضوا الله) أي تصرفوا المال فيما أمره مقرونا بإخلاص وطيب قلب يزده من واحد إلى عشر إلى سبعمائة إلى أكثر ويغفر لكم خطاياكم ببركة الإنفاق (والله شكور) يعطى الجزيل بالقليل (حليم) يعفو ولا يعاجل بالعقوبة (عالم الغيب) يرى كل شئ، وما يخفى عليه شئ، ويعلم السر والجهر (العزيز) تام القدرة (الحكيم) يضع الأمور في نصابها اللائق بها.
معاملة ليس لها مثيل أبداً ما. تتصدق فتتاجر مع المتصف بكل كمال المنزه عن كل نقص القادر المقتدر: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير).
كثرة المال محنة وابتلى الله بها العالم ليرى أيحسنون إلى خلقه أم يسيئون؟ وأيقيمون مشروعات الخير أم يتلذذون ويبخلون؟ ولكن المؤمن العاقل من انتهز فرصة وجودها، فأطلق يده في عمل الصالحات وتشييد المكرمات، ورجا مايبقى على ما يفنى، وآثر الآخرة على الأولى ليكبح جماح نفسه عن حب التقتير، ويرخى عناتها في الإنفاق لله عسى أن يبعد عن وصمة الشح فيفلح، وتفضل الله ففتح باب معاملته على مصراعيه لينجوا المحسنون الأجواد السمحاء، والدنيا ميدان الأعمال، وفرصة سانحة للمؤمنين الطائعين الذين لا تغرهم زخارف الدنيا كما قال تعالى في اختبار المطيعين (وليبتلى الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور).
والدليل التاسع: قال الله تعالى (وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون ٣٩ قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين) ٤٠ من سورة سبأ.
جملتان أسمية أخبرنا الله بها ليبشر المنفقين بالإخلاف وزيادة النعم، وكثرة الرزق، ووفرة الخير ووضع البركة، وجليل المنفعة والثمرة (فهو يخلفه وهو خير الرازقين) أي يعطيك عوضا إما عاجلا أو آجلا، وهو سبحانه الرزاق، وغيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته فهو الذى ينعم ويتفضل، ويكثر المال ويرزق القناعة، ويهب الثواب لمن أنفق على نفسه وعياله وأقاربه، وتصدق على الفقراء. والمال وديعة وعارية تبقى في يد المحسنين، وتزول من أيدى الكافرين. هذا الزوال إما حسيا بأن ترى عدم البركة فيه، وصرفه فيما يغضب الله، واسترسال صاحبه في المعاصى والشهوات، وحرمانه من فعل الخير لله تعالى يوصف بالموصل للرزق، وبالخلق له، والعبد يوصف بالإيصال فقط، فخيرية الله من حيث إنه خالق وموصل، فعلم أن العبد يقال له رازق بهذا، ولا يقال له رزاق لأنه من الأسماء المختصة به تعالى أهـ صاوى (وهو خير الرازقين) أي أحسن وأجلهم لكونه خالق السبب والمسبب، وفي الجلالين يقال: كل إنسان يرزق عائلته: أي من =

<<  <  ج: ص:  >  >>