للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= رزق الله أهـ. قال تعالى (قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله) أخبر الله تعالى أن كثرة الأموال والأولاد من زينة الحياة الدنيا، وقد أخطأ من ظن أنها للشرف والكرامة، وما هى إلا زخرف الدنيا، ولا يقرب إلى الله إلا الإيمان والتقوى، والعمل الصالح. قال البيضاوى: إلا المؤمن الصالح الذى ينفق ماله في سبيل الله، ويعلم ولده الخير، ويربيه على الصلاح، أو من أموالكم وأولادكم على حذف المضاف (فأولئك لهم جزاء الضعف) أي يجازون الضعف إلى عشر فما فوقه أهـ. ثم أخبر جل جلاله، وهو أصدق القائلين أنه يوسع على من يشاء تارة، ويضيق عليه أخرى. والمنفقون في الجنة آمنون من كل المكاره، والذين يطعنون في القرآن، ويكفرون بالله ويبخلون (معاجزين) أي مسابقين لأنبيائنا، أو طانين أنهم يفوتوننا أو يقصرون في حقوق الله أن جزاءهم جهنم يصطلون نارها. فان الله تعالى يبين أن كسب الحرام يخرب البيوت العامرة، وكسب الحلال مع إخراج الزكاة يضاعف النعم، ويجلب الخير.
فصل في زكاة القطر
وهى من خصائص هذه الأمة، وشرعت في السنة الثانية من الهجرة قبل عيد الفطر بيومين تطهيراً للصائم من الخلل الواقع في الصوم لقوله صلى الله عليه وسلم: (صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث) ورفقاً بالفقراء في يوم الفطر كما في خبر (أغنوهم عن ذل السؤال في هذا اليوم) وهى سبب لقبول الصيام لخبر (صوم رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر) وتجب على من عنده زيادة على ما يحتاجه لنفسه وعياله يوم العيد وليلته، فيخرج عن نفسه وعن كل شخص تلزمه نفقته كأصوله وفروعه وزوجته ورقيقه وخادمه إن كان مستأجرا بالنفقة صاعا، وهو أربع حفنات بكفى رجل معتدل فيهما، وهو بالكيل المصري قدحان من غالب قوت بلده، وينبغى أن يزيد شيئا يسيرا لاحتمال اشتمالهما على طين أو تبن، أو نحو ذلك، ويشترط لوجوبها الإسلام، وإدراك جزء من رمضان، وجزء من شوال، فتخرج عمن مات بعد الغروب دون من ولد بعده. ويجب على الكافر الإخراج عمن تلزمه نفقته من المسلمين ويستحب إخراجها قبل صلاة العيد، ويجوز من أول الشهر، ويكره تأخيرها إلى آخر يوم العيد، ويحرم تأخيرها عنه بلا عذر كغيبة ماله أو المستحقين.
ويجب أن يكون تفريقها على الفقراء الموجودين بالبلد، ولا يجوز نقلها لبلد آخر وتصرف إلى الأصناف الثمانية كالزكاة، واختار جماعة من أصحاب الشافعي كابن المنذر والرويانى، والشيخ أبى إسحق الشرازى جواز صرفها لواحد، وقال الرافعى: يجوز صرفها إلى واحد. قال الأذرعى: وعليه العمل في الأعصار والأمصار والأحوط دفعها إلى ثلاثة: قال تعالى (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ٢٧ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) ٢٨ من سورة الإسراء.
هذا أمر له صلى الله عليه وسلم ليعلم أمته الإنفاق، أو إخراج الزكاة، وصلة الرحم، وحسن المعاشرة والسخاء والجود على مواطنيه، وبذل الخير في إقامة مشروعات تدفع الضر، وتجلب اليسر والبر والعطف على الفقراء، وقال أبو حنيفة: حقهم إذا كانوا محارم فقراء أن ينفق عليهم، وقيل: المراد بذى القربى أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم (ولا تبذر) نهى سبحانه عن صرف المال فيما لا ينبغى، وإنفاقه على وجه الإسراف والاسترسال في المعاصى، وأصل التبذير: التفريق.
وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لسعد وهو يتوضأ (ما هذا السرف؟ قال: أو في الوضوء سرف؟ =

<<  <  ج: ص:  >  >>