ب - وقال تعالى لحبيبه أستاذ الإنسانية في العالم صلى الله عليه وسلم (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) ٢١٥ من سورة البقرة. عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن عمرو بن الجموح الأنصارى كان شيخا ذا مال عظيم فقال يا رسول الله ماذا ننفق من أموالنا، وأين نضعها، فنزلت: (قل ما أنفقتم الآية) قال البيضاوى: سئل عن المنفق فأجيب ببيان المصرف لأنه أهم فإن اعتداد النفقة باعتباره، ولأنه كان في سؤال عمرو، وإن لم يكن مذكورا في الآية واقتصر في بيان المنفق على ما تضمن قوله: (ما أنفقتم من خير): إن تفعلوا خيراً فإن الله يعلم كنهه ويوفى ثوابه، وليس في الآية ما ينافيه فرض الزكاة فينسخ به أهـ. جـ - وقال تعالى: (واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ١٩٤ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) ١٩٥ البقرة. الله يحرس المتقين ويصلح شأنهم ولا تمسكوا كل الإمساك واجتنبوا الإسراف، وتضييع وجه المعاش، واحذروا أن تتركوا الغزو فالهلاك في الكف عنه، وعدم الإنفاق فيه خشية أن يقوى العدو، ويسلطهم على إهلاكهم ويؤيده ما روى عن أبي أيوب الانصارى رضي الله عنه أنه قال: لما أعز الله الإسلام، وكثر أهله رجعنا إلى أهلينا وأموالنا نقيم فيها ونصلحها فنزلت. هذا معنى، والمعنى الثانى (التهلكة) بالإمساك وحب المال فإنه يؤدى إلى الهلاك المؤبد ولذى سمى البخل هلاكا، وهو في الأصل انتهاء الشئ الفساد والإلقاء طرح الشئ وعدى بإلى لتضمن معنى الانتهاء، والباء زائدة، والمراد بالأيدى: الأنفس والتهلكة والهلاك والهلك واحد: أي لا تواقعوا أنفسكم في الهلاك (وأحسنوا) أعمالكم وأخلاقكم، أو تفضلوا على المحاويج أهـ بيضاوى. د - وقال تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير) ١١١ البقرة. من خير كصلاة وصدقة لا يضيع الله ثوابكم. هـ وقال تعالى: (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) ١٧٧ من سورة البقرة. (وآتى المال على حبه) أي أنفق المال مع أنه يرجو كثرته، ويشتاق لوفرته كما قال صلى الله عليه وسلم حينما سئل (أي الصدقة أفضل؟ أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، رواه البخاري وقيل: (على حبه) أي حب الله جل وعلا وطلب ثوابه، وابتغاء رضوانه (ذوى القربى) المحاويج، وقدمهم لأن إيتاءهم أفضل كما قال عليه الصلاة والسلام: (صدقتك على المسكين صدقة، وعلى ذوى رحمك اثنتان: صدقة وصلة) (والمسكين) الذى أسكتته الخلة، وأذلته الحاجة (وابن السبيل) المسافر سفر طاعة أو الضعيف (والسائلين) الذين ألجأتهم الحاجة إلى السؤال، والطلب برفق، وقال عليه الصلاة والسلام: (للسائل حق وإن جاء على فرسه) (وفي الرقاب) في تخليص المأسورين الأذلاء، ومعاونة المدينين =