للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أي له جنة جامعة للمثار فبلغ الكبر، وله ذرية ضعفاء، والجنة معاشهم فهلكت بالصاعقة أهـ نسقى.
وقيل هذه الآية بين الله تعالى مضاعفة الثواب. وزيادة النعم للمنفق ابتغاء وجهه الكريم لا يقصد سوى رضاه، ولايحب الرياء العامل بقوله تعالى (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوات عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين) ٢٦٤ البقرة.
أي رد جميل، وتجاوز عن السائل وإلحاحه، أو نيل المغفرة من الله بالرد الجميل أو عفو من السائل بأن يعذر، ويغتفر رده (والله غنى) عن إنفاق بمن وأذى (حليم) عن معالجة من يمن ويؤدى بالعقوبة، ومثل المرائى في إنفاقه كحجر أملس لم يؤثر فيه نزول المطر، وتركه المطر أملس نقياً من التراب، وفيه تعريض بأن الرياء والمن والأذى على الإنفاق من صدقات الكافرين، والله لا يهديهم إلى الخير والرشاد، ولابد للمؤمن أن يتجنب عنها، وإن شاهدنا (وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار) ما جاء التلف إلى هذه الحديقة الغناء إلا لعصيان الله من بخل وأذى ورياء، فبدل الله نعمته نقمة، وغناه فقرأ، ويسره عسراً، وأصابه الكبر ولم يقيد هذا الخير بطاعة الله وأداء زكاة ماله وطغى وتجبر، وعلى عباد الله تكبر، وورم أنفه؛ ومشى ببطء وبطر وبغى على قومه، وحكى الله تعالى عن العلماء الناصحين قارون ذا المال الكثير: (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ٧٧ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) ٧٨ سورة القصص.
ماذا أصاب هذا الطاغية؟ إن الله حكى عنه: (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين. وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح. تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلُوَّا في الأرض ولا فسادًاوالعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون) ٨٥ القصص.
(علوا): غلبة وقهرا (فساداً) ظلماً وشحاً (خير منها) ذاتاً وقدرا ووصفا.
روى أن قارون كان يؤذى موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه لقرابته حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كل ألف على واحد فحسبه فاستكثره، فعمد إلى أن يفضح موسى بين بنى إسرائيل ليرفضوه، فبرطل بغيا لترميه بنفسها، فلما كان يوم العيد قام موسى خطيباً: فقال: من سرق قطعناه، ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصناً رجمناه، فقال قارون: ولو كنت؟ قال: ولو كنت. قال: إن بنى إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة فأحضرت، فناشدها موسى عليه السلام بالله أن تصدق، فقالت: جعل لى قارون جعلا أن أرميك بنفسى، فخر موسى شاكياً منه إلى ربه، فأوحى إليه أن مر الأرض بما شئت، فقال: ياأرض خذيه فأخذته إلى ركبتيه، ثم قال: خذيه فأخذته إلى وسطه، ثم قال: خذيه فأخذته إلى عنقه، ثم قال: خذيه فخسفت به، وكان قارون يتضرع إليه في هذه الأحوال فلم يرحمه، فأوحى الله إليه ما أفظعك استرحمك مرارا فلم ترحمه؛ وعزتى وجلالى لو دعانى مرة لأجبته، ثم قال بنو إسرائيل: إنما فعله ليرثه، فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله. (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون) حلت هذه المصيبة بقارون لأنه لم يزك، وهذا عنوان ما نبغيه، والله أعلم، ولو اتقى الله قارون =

<<  <  ج: ص:  >  >>