للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأخرج الزكاة كأمر نبيه عليه السلام، دام ذكره، وحسن حاله، وأثمر ماله وزها فعله، ولكن بخل في الخير، وشح في حقوق الله مسكنه وماله في باطن الأرض، وهذا شرع الله لدن آدم. قال تعالى: (واذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذى القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) ٨٤ سورة البقرة.
إخبار بمعنى النهى (ثم توليتم) على طريقة الالتفات، ولعل الخطاب مع الموجودين منهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قبلهم على التغليب: أي أعرضتم عن الميثاق ورفضتمون (إلا قليلا) يريد به من أقام اليهودية قبل النسخ، ومن أسلم منهم، وقبل هذه الآية ذكر الدستور ما حكاه عن اليهود (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلفالله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ٨٣ من سورة البقرة.
فأنت تجد دستور الله ونظامه، وعدله في مادتين:
أولا: المذنب يعاقب بالنار. ثانياً: المؤمن الذين عمل صالحاً ينعم بالجنة، وهذا هو ميثاق الله للأنبياء ليعلموها الناس، وتجد فيه الأمر بالزكاة، واتفقت الأديان والشرائع على أن الإحساس مصدر الخير ومعين البر وقد أرسل الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وأقام الحجة على أشرار قومه وضلالهم في اتخاذ الأصنام من دون الله ووجه سؤالهم إلى الله تعالى المالك المعطى، قال تعالى: (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ١٧) أي الخير والشر وتميزون بين النافع والضار (إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لايملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون) ١٨ من سورة العنكبوت، أمرهم سيدنا إبراهيم بثلاثة:
أ - اطلبوا من الغنى الكريم الرزق.
ب - اخلصوا في طاعته سبحانه.
جـ - احمدوه وأثنوا عليه متوسلين إلى مطالبكم بعبادته مقيدين لما حفكم من النعم بشكره أو مستعدين للقائه بحسن العبادة والشكر، وإن شاهدنا (واشكروا له) لتدون النعم ويكثر الخير، وتزداد البركة وهكذا طلب سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكثيراً ما رأينا أسراً غنية مات عائلها فورث أبناؤه المال فأنفقوه في الملذات وأسرفوا وبذروا حتى فنى كما قال تعالى: (وأحيط بثمره)، (فأصابها إعصار) ولقد بحثت عن سبب ذلك فوجدت صاحبه كان غير مزك.
الدليل الرابع: البخيل يذمه الله، كما أن المرائى بالإنفاق يبغضه الله وقائدهما الشيطان، وهما مخالفان لأمر الله تعالى، ومالهما لا يبقى ولا ينفع الذرية، وهو عرضة للزوال، قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا. الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله، وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً. والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً. وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله، وكان الله بهم عليما. إن الله لايظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما) ٤٠ من سورة النساء (والجار ذى القربى) الذى قرب جواره، وقيل الذى له مع الجوار قرب واتصال بنسب أو دين =

<<  <  ج: ص:  >  >>