للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (والجار الجنب) البعيد والذى لا قرابة له، وعنه عليه الصلاة والسلام: (الجيران ثلاثة: فجار له ثلاث حقوق حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام. وجار له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام. وجار له حق واحد: وهو المشرك من أهل الكتاب) (والصاحب بالجنب) أي الرفيق في أمر حسن كتعلم وتصرف وصناعة وسفر فإنه صحبك وحصل بجنبك، وقيل المرأة (وابن السبيل) المسافر أو الضيف (وما ملكت أيمانكم) العبيد والإماء والخدم (إن الله لا يحب من كان مختالا) أي يكره كل متكبر بخيل يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم ولا يساعدهم ولا يمدهم بخيراته وإحسانه (فخورا) كثير الكلام معجباً بنفسه. غناء لشرهه وشهواته، ويتفاخر عليهم (من فضله) الغنى والعالم يضن بالإنفاق والإرشاد (وأعتدنا للكافرين) قال البيضاوى: وضع الظاهر فيه موضع المضمر إشعارا بأن من هذا شأنه فهو كافر لنعمة الله ومن كان كافرا لنعمة الله فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء، والآية نزلت في طائفة من اليهود كانوا يقولون للأنصار تنصيحاً لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر، وقيل في الذين كتموا صفة محمد عليه الصلاة والسلام أهـ بيضاوى ص ١٣٨ ومن يقتدى بهم مثلهم.
(والذين ينفقون) عطف على الذين يبخلون أو الكافرين، وإنما شاركهم في الذم أو الوعيد لأن البخل والسرف الذى هو الإنفاق على ما لا ينبغى من حيث إنهما طرفا إفراط وتفريط سواء في القبح واستجلاب الذم (ولا يؤمنون بالله) لم يتحروا بالإنفاق ثواب الله، ولم يرجوا مراضيه، وهم مشركو مكة، وقيل المنافقون، وإن الشيطان قائدهم فحملهم على ذلك وزينه لهم، وأن فعلهم عن طريق الخير، والله يضاعف الثواب ويهب النعم ويعطى صاحبها على سبيل التفضل من عنده عطاء جزيلا وخيراً كثيراً.
فأنت تجد أمر الله بالإحسان بعد توحيده، والاعتقاد بوجوده، وينهى عن البخل والرياء وهما خلتان مدمرتان القصور الشامخة، ومخربتان البيوت العامرة (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) قرآن كريم، قال تعالى: (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله، ومأواه جهنم وبئس المصير. هم درجات عند الله والله بصير بما تعملون) ١٦٤ من سورة آل عمران: أي من أطاع الله كما أساء ورجع بالمعاصى، والناس ذوو درجات عند الله لما بينهم من التفاوت في الثواب والعقاب، وهو سبحانه عالم بأعمالهم ودرجاتها صادرة عنهم، فيجازيهم على حسبها، والله سبحانه وتعالى أعلم، اللهم وفقنا.
الدليل الخامس: رجل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء جماعة حتى لقب بحمامة المسجد ولكن بخل بماله فعد من المنافقين. قال الصاوى: كان أولا صحابيا جليلا ملازما للجمعة والجماعة والمسجد، ثم رآه النبى صلى الله عليه وسلم يسرع بالخروج أثر صلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تفعل فعل المنافقين؟ فقال: إنى افتقرت ولى ولامرأتى ثوب أجئ به للصلاة ثم أذهب فأنزعه لتلبسه وتصلى به، فادع الله أن يوسع في رزقى أهـ.
قال الله تعالى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولو وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله، والله لا يهدى القوم الفاسقين) من سورة التوبة
قال البيضاوى: نزلت في ثعلبة بن حاطب أتى النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: ادع الله أن يرزقنى =

<<  <  ج: ص:  >  >>