للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر. قُلْتُ: إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر؟ قال: فليعنِ الأخرق. قلت: يا رسول الله: أرأيت إن كان يحسنُ أن يصنع؟ قال: فليعنْ مظلوماً (١). قُلتُ: يا نبي الله! أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً؟ قال: ما تريد أن تترك لصاحبك (٢) من خير ليمسك (٣) أذاه عن الناس. قلتُ يا رسول الله: أرأيت إن فعل هذا يدخله الجنَّة؟ قال: من منْ عبدٍ مؤمن يُصيب خصْلةً من هذه الخصال إلا أخذت بيده (٤) حتى تدخله الجنَّة.

٣٦ - ورؤى عن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصَّدقة (٥) تسدٌّ سبعين باباً من السوء. رواه الطبراني في الكبير.

٣٧ - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: باكروا (٦)

بالصَّدقة، فإنَّ البلاء لا يتخطَّى الصَّدقة. رواه البيهقي مرفوعا وموقوفا


(١) فليزل آلام المكروب وإضرار المصاب ويبعد الباطل، ويحق الحق ويغث المستغاث، وينجد المتألم.
(٢) كفى هذا الضعف، ألا تحب ألا يكون لك عمل صالح ومروءة تثاب عليها؟.
(٣) ليمنع ويصد.
(٤) المعنى أن الخصلة المحمودة تقوده إلى نعيم الجنة، وتضيء له سبل الاحترام، وفيه الحث على عمل البر والضرب بسهم في تنفيذ أوامر الله، واجتناب مناهيه.
(٥) الإحسان والإنفاق لله تمنع الشرور، وتصد الأذى وتقفل سبعين بابا من الضرر والهلاك والفقر والمرض وهكذا من الأعمال المؤلمة المؤذية، وفيه الحث على عمل الخير ابتغاء وجه الله ليجاب الطلب ويزول الكرم، ويفك العسير.
(٦) أسرعوا بتقديم صدقة لله فإنها تمنع المصائب ولا تعدوها الآلام، وكائن رأينا من مريض شفاه الله لا حسانه ومسألة عسيرة سهلها الله بالصدقة، ودين زال بفعل الخير لله، وآمال يسر الله وجودها بالإنفاق، وقد أجد في قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيدكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) دليلا ناجحا، ودواء شافيا للوصول إلى نصر الله ولإغداق رحمته على المحافظ على أداء الصلاة والزكاة، فهذا أمر منه سبحانه وتعالى بالكف عن القتال، وإقامة الصلاة، وإخراج الزكاة حتى يأتي نصر الله، ويشرق فتح الله. الاستفهام تعجبي! أي تعجب يا محمد من قومك كيف يكرهون القتال، مع كونهم قبل ذلك كانوا طالبين له، وراغبين فيه، منهم: عبد الرحمن بن عوف، والمقداد بن الاسود، وسعد بن أبي وقاص، وقدامة بن مظعون، وجماعة كانوا بمكة يتحملون أذى الكفار، والله يأمرهم بالتحمل والصبر، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أمروا بالقتال، وكراهتهم غلبت الرأفة عليهم أو لمحبهم المعيشة. قال الصاوي: ولما نزلت الآية أقلعوا عما خطر ببالهم، وشمروا عن ساعد الجد والاجتهاد، وجاهدوا في الله حق جهاده. أهـ، ودليلنا العكوف على عبادة الله مع الإخلاص في إقامة هذين الركنين: الصلاة، والزكاة. قال تعالى: (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) ٧٧ من سورة النساء. يسر الله للمسلمين الخروج إلى المدينة وبقي بعضهم إلى فتح مكة حتى شعروا بالعزة، وجعل الله لهم من لدنه خير ولي وناصر، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ولما خرج صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب أبي أسيد فرأوا منه الولاية والنضرة كما أرادوا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>