للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم الشرك الأصغر. قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال الرياء (١) يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء. رواه أحمد باسناد جيد، وابن أبى الدنيا والبيهقى في الزهد وغيره.

(قال الحافظ) رحمه الله: ومحمود بن لبيد رأى النبىّ صلى الله عليه وسلم، ولم يصح له منه سماع فيما رأى، وقد خرّج أبو بكر بن خزيمة حديث محمود المتقدم في صحيحه مع أنه لا يخرّج فيه شيئا من المراسيل، وذكر ابن أبى حاتم أن البخاري قال له صحبه. قال وقال أبى لا يعرف له صحبه، ورجح ابن عبد البر أن له صحبه، وقد رواه الطبراني بإسناد جيد عن محمود بن لبيد عن رافعبن خديج، وقيل إن حديث محمود هو الصواب دون ذكر رافع بن خديج فيه، والله أعلم.

من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده

٢٤ - وعن أبي سعيد بن أبى فضاله، وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة - ليوم لا ريب فيه - نادى مناد: من كان أشرك في عمله (٢) لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك (٣). رواه الترمذي في التفسير من جامعة، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقى.

٢٥ - وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل لى عملاً أشرك فيه غيرى فأنا منه برئ وهو للذى أشرك. رواه ابن ماجه، واللفظ له وابن خزيمة في صحيحه والبيهقى، ورواه ابن ماجه ثقات.

٢٦ - وعن شهر بن حَوْشَبٍ عن عبد الرحمن بن غنم قال: لما دخلت مسجد الجابية (٤) ألفينا (٥) عُبادَةَ ابن الصامت، فأخذ يميني بشماله وشمال أبى الدرداء بيمينه


(١) أي طلب التفاخر في الدنيا والميل إلى الشهوة، وإذاعة الصيت، وتحدث الناس بأعماله؛ وسير الركبان بسيرته؛ وكسب الثقة بجميل أفعاله، وعلو مكارمه، وجذب قلوب الناس بمحبته، ولم يقصد في كل أعمال الخير وجه الله:
ثوب الرياء يشف عما تحته ... فإذا اكتسيت به فإنك عار
أما إذا عمل خيرا لله وتحدث الناس بلا قصد منه فلا يضره هذا، وثوابه على الله.
(٢) في نسخة: عمله أحداً
(٣) أي الله سبحانه رحمته واسعة وفضله عميم وهو غني غنى مطلقا، فلا يحتاج لأي مساعد ولا يقبل عملا كان معه غيره - كيف وهذا الشريك هو الذي خلقه وأمده بنعمه - فما هذه الغفلة يامن تتصدق لله ولفلان، أو تطلب قضاء حاجة من الله وفلان - إن فلاناً ضعيف وحادث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله -.
(٤) مدينة بالشام - جَبَي الخراج يجبى؛ والإجباء: بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه، وفي الحديث: (من أجبى فقد أربى)
(٥) ألفنيا: وجدنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>