للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨ - وعنْ أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ، ثمَّ صلى بأرض سعدٍ بأرض الحرَّة عند بيوت السُّقيا، ثمَّ قال: اللهمَّ إنَّ إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكَّة، وأنا محمَّدٌ عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك به إبراهيم لمكَّة، ندعوك أن تبارك لهمْ في صاعهم ومدِّهمْ وثمارهم (١). اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينة كما حبَّبْت إلينا مكَّة، واجعل ما بها من وباء نجمٍ. اللهمَّ إني حرَّمت (٢) ما بين لا بتيها (٣) كما حرَّمت على لسان إبراهيم الحرم. رواه أحمد، ورجال إسناده رجال الصحيح.

(خم) بضم الخاء المعجمة، وتشديد الميم: اسم غيضة بين الحرمين قريباً من الجحفة لا يولد بها أحد فيعيش إلى أن يحتلم إلا أن يرتحل عنها لشدة ما بها من الوباء والحمى بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأظن غدير خمْ مضافاً إليها.

١٩ - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: كان الناس إذا رأوا أوَّل الثَّمر جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: اللهمَّ بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا (٤)، وبارك لنا في صاعنا ومدِّنا.


(١) يطلب صلى الله عليه وسلم وضع البركة في زراعة أهل المدينة ومحصولاتها: وأثمارها وقوتها، وقد أجاب الله الدعاء: رزق أهلها القناعة والرضا، وبارك في خيراتها، وجعلها شفاء من كل داء. قال النووي: هذا دليل لمن يقول إن تحريم مكة إنما هو كان في زمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنه كان يوم خلق الله السماوات والأرض، وذكروا في تحريم إبراهيم:
أ - حرمها بأمر الله تعالى له بذلك لا باجتهاده.
ب - دعا لها فحرمها الله تعالى بدعوته فأضيف التحريم إليه لذلك. أهـ ص ١٣٤ جـ ٩.
(٢) قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني حرمت) قال النووي: هذه الأحاديث حجة ظاهرة للشافعي ومالك وموافقيهما في تحريم صيد المدينة وشجرها، وأباح أبو حنيفة ذلك، واحتج له بحديث: (يا أبا عمير ما فعل النغير) وأجاب أصحابنا بجوابين: أحدهما: يحتمل أن يحديث النغير كان قبل تحريم المدينة، والثاني: يحتمل أنه صاده من الحل لا من حرم المدينة. والمشهور من مذهب مالك والشافعي والجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وشجرها. بل هو حرام بلا ضمان. أهـ ص ١٣٤ جـ ٩.
(٣) يريد المدينة. واللابتان الحرتان، واحدتهما لابة ولوبة ونوبة، وجمع القلة لابات، والكثرة لاب ونوب. أهـ نووي ص ١٣٥ جـ ٩، والمراد تحريم المدينة ولايتيها.
(٤) قال العلماء: كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه صلى الله عليه وسلم في الثمر، وللمدينة والصاع، والمد، وإعلاما له صلى الله عليه وسلم بابتداء صلاحها لما يتعلق بها من الزكاة وغيرها، وتوجيه الخالصين. أهـ نووي ص ١٤٦ جـ ٩. =

<<  <  ج: ص:  >  >>