للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لولا أن أشقَّ على المسلمين ما قعدتُ خلاف سريةٍ (١)

تغزو في سبيل الله أبدا، ولكنْ لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعةً، ويشقُّ عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفسُ محمدٍ بيده: لوددتُ أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل. رواه مسلم واللفظ له.

رواه مالك والبخاري والنسائي، ولفظهم: تكفَّل الله لمن جاهد في سبيلهِ لا يخرجهُ من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق بكلماتهِ أن يدخله الجنَّة، أوْ يردَّه إلى مسكنه بما نال من أجرٍ، أوْ غنيمةٍ، الحديث.

(الكلم) بفتح الكاف، وسكون اللازم: هو الجرح.

٧ - وعنْ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فصلَ في سبيل الله فمات أوْ قتل فهو شهيدٌ، أو وقصه فرسهُ، أوْ بعيرهُ، أوْ لدغته هامَّة، أوْ مات على فراشه بأيِّ حتفٍ شاء الله مات فإنَّه شهيدٌ، وإنَّ له الجنَّة.

رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد عن ابن ثوبان، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ويأتي الكلام على بقية، وعبد الرحمن.

(فصل) بالصاد المهملة محركا: أي خرج. (وقصه) بالقاف والصاد المهملة محركا: أي رماه فكسر عنقه. (الحتف) بفتح المهملة، وسكون المثناه فوق: هو الموت


(١) قطعة من الجيش. فعلية بمعنى فاعلة لأنها تسري في خفية، والجمع سرايا وسريات، ولكثرة ثواب المجاهدين في حرب نصر الدين تمنى صلى الله عليه وسلم القتل غازيا، ثم يرد الله حياته صلى الله عليه وسلم فيغزو ثم يقتل، وهكذا حتى يزداد درجات، وما من كمال إلا وعند الله أكمل منه. قال تعالى:
أ - (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد) ٢٠ من سورة الزمر (غرف) علالي بعضها فوق بعض (مبنية) بنيت بناء المنازل على الأرض تجري الأنهار من تحت تلك الغرف، والخلف نقص، وهو على الله محال. أهـ بيضاوي.
ب - (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ١٠ من سورة الزمر: الزمر طاعته (للذين أحسنوا) بالطاعات في الدنيا مثوبة حسنة في الآخرة، وقيل معناه للذين أحسنوا حسنة في الدنيا: وهي الصحة والعافية (وأرض الله واسعة) فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان فيوطنه فليهاجر إلى حيث يتمكن منه (الصابرون) على مشاق الطاعات من احتمال البلاء، ومهاجرة الأوطان لها، والذود عن حرمات الدين، والدفاع عن الحق.
وفي الحديث أنه ينصب الموازين يوم القيامة لأهل الصلاة والصدقة والحج. فيوفون بها أجورهم، ولا ينصب لأهل البلاء، بل يصب عليهم الأجر صبا. يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقايض مما يذهب به أهل البلاد من الفضل).

<<  <  ج: ص:  >  >>