للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ وَلم يغز (١) وَلم يحدث بِهِ نَفسه (٢) مَاتَ على شُعْبَة من النِّفَاق (٣)

رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

٤ - وَعَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يغز أَو يُجهز غازيا (٤) أَو يخلف غازيا فِي أَهله (٥) بِخَير أَصَابَهُ الله تَعَالَى بقارعة (٦) قبل


= يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحث المسلمين على الييقظة والاستعداد عند الأخطار، وأخذ العدة لهجوم العدو الألد، والانتباه إلى الجهاد، وأن التجارة والزراعة والصناعة في حال الأمن والرخاء فقط مع الحذر عند الطوارئ. ومن كلام الإمام على رضي الله عنه: أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه وقرءوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا وصفا صفا. بعض هلك وبعض نجا، لا يبشرون بالأحياء، لا يعزون بالموتى. مره العيون من البكاء خمص البطون من الصيام ذبل الشفاء عن الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين أولئك إخواني الذاهبون.
وقد فسر المرحوم الشيخ محمد عبده (الأحياء) أي إذا قيل لهم نجا فلان فبقى حيا لا يفرحون لأن أفضل الحياة عندهم الموت في سبيل الحق ولا يحزنون. إذا قيل لهم مات فلان فإن الموت عندهم حياة السعادة الأبدية (مره) جمع أمره: من مرهت عينه إذا فسدت أو ابيضت حماليقها (خمص البطون) ضوامرها (ذبل) ذبلت: شفته جفت ويبست لذهاب الريق. أهـ ص ١٣٤ جـ ١ نهج البلاغة.
تلك أو صاف من جملة صفات المجاهدين في سبيل الله الذين ملأ الإيمان قلوبهم فجاهدوا في الله حق جهاده فعاشوا أعزاء كرماء: وماتوا موتة الشرفاء الأتقياء، وانتفعوا بسنة خير الأنبياء عليه الصلاة وأزكى السلام.
(١) ولم يجاهد لنصر دين الله، ولم يدافع عن الحق ولم يأمر بالمعروف.
(٢) ولم يفكر في العدة التي يتخذها لإعلاء دين الله! ولم يساعد في مشروعات البر.
(٣) دخل في قلبه شيء من النفاق والتذبذب، وقلة الحياء في الله، ونقص إيمانه بالله لأنه مذبذب مقصر في ألدفاع عن دين الله، وعن الأخذ بيد الضعيف، وسكوته عن الباطل، والإلحاد والزندقة، والكفر الصراح، وعدم دفاعه ما استطاع.
(٤) يمده بمساعدة، ويقدم له الزاد والعدد الحربية، والمال اللازم له.
(٥) يقوم برعاية مصالحه، وقضاء حاجات أهله من م عايش.
(٦) أي بداهية تهلكه. يقال قرعه أمر: إذا أتاه فجأة وجمعها قوارع. أهـ نهاية ص ٢٤٥.
انتبهوا أيها المسلمون فذلك إنذار من السيد المصطفى صلى الله عليه وسلم، اعملوا صالحاً، جاهدوا، وأنفقوا، وابذلوا المعروف، اتقوا الله وإلا أرسل الله لكم صواعق، أو مدمرات تهلك الحرث والنسل في الدنيا، وفي يوم القيامة يبعث عليكم الأهوال الشداد. فكما أن المقصر في الجهاد تحيط به القارعة، كذلك المقصر في حدود الله، والساهي عن واجب الله، والناسي حقوق الله ينزع الله البركة من ماله وأولاده، ويعذبه في حياته بالأمراض والأسقام، والخوف من الأعداء، ويأخذ أخذ عزيز مقتدر، وينتقم الله منه انتقاما مراً.
قال تعالى: (بل من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين ٧٦ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) ٧٧ من سورة آل عمران. =

<<  <  ج: ص:  >  >>