للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: قلت يا رسول الله: أقرئني آياً من سورة


= قال حفظه الله تعالى:
قد علمت أن الذي يسمع من الكلام بواسطة تلك الآلة المسماة بالراديو ألفاظ وكلمات حقيقة، وليست صدى كلمات كالذي يسمع في الجبال وغيرها.
فإن الصدى هو انعكاس سماع المسموع فيسمع مرة ثانية كانعكاس أشعة البصر التي بها تبصر الصورة في المرأة وحينئذ إذا كانت الألفاظ المسموعة ألفاظا قرآنية فهي قرآن حقيقة، وهي كلام الله كالذي سمعه موسى عليه السلام بلا واسطة، أو بواسطة الشجرة، وإنما كانت كلام الله، لأن الكلام إنما ينسب للمتكلم باعتبار ترتبه إياه أزلا بلا حرف ولا صوت، إما في نفسه كما في كلام البشر. فإن الإنسان يرتب كلام نفسه بلا حرف ولا صوت بملكته التي تسمي كلام أيضا، وهي ضد الجرس الباطني، ثم يتكلم به أو يكتبه لأجل التفهيم والتفهم حتى لو اطلع غيره على ما في نفسه لفهم معنى الكلمات التي في نفسه دون حاجة إلى تكلم، ولا كتابة ولا غير ذلك مما يحتاج إليه في التفهيم والتفهم، وإما في علمه أزلا كما في كلام الله تعالى فإنه أزلا رتب كلامه الأزلي في علمه بلا حرف ولا صوت بصفته الأزلية المسماة كلاما أيضا، وهي صفة واحدة ذاتية له تعالى يقال فيها ما قيل في سائر الصفرات من القدرة والإرادة الخ، ثم يبرزه كلمات لفظية مرتبة على وفق ترتيب الكلمات النفسية لأجل التفهيم والتفهم.
فالحادث هو اللفظ لا الملفوظ. فكان أن كلام زيد الذي رتبه في نفسه ينسب إليه بهذا الاعتبار ولو تكلم به غيره، كذلك كلام الله ينسب إليه تعالى باعتبار أنه رتبه في علمه أزلا ولو تكلم به ألف متكلم وتلك الكلمات اللفظية هي التي نزل بها جبريل عليه السلام، وأقرأها لمحمد صلى الله عليه وسلم باعتبار أن الله تعالى أجراها على لسان جبريل عليه السلام بدون تدخل في ذلك لأحد ليكون ذلك دليلا على الكلمات الأزلية النفسية. يفهم منها ما يفهم من الكلمات النفسية فهي كلام الله تعالى أيضا، وهي القرآن بقطع النظر عمن صدرت عنه أو سمعت منه، ومتى علمت أن الذي يسمع من ألفاظ القرآن بواسطة الراديو هو قرآن حقيقة، وهو كلام الله تعالى بلا شك. نقول إذا صدرت تلك الكلمات القرآنية بواسطة الراديو هو قرآن حقيقة، وهو كلام الله تعالى بلا شك. نقول إذا صدرت تلك الكلمات القرآنية بواسطة الراديو مستوفية للشروط وأحكام التجويد من مد وغنة: وتفخيم وترقيق، وإخفاء وإظهار، وفك وادغام، ووصل ووقف بحيث تخرج الحروف من مخارجها، ويستعمل ذلك في موضعه دون إسراع، وإفراط في المد، وإشباع الحركات حتى يتولد من الفتحة ألف، ومن الضمة واو، ومن الكسرة ياء، أو إدغام في غير موضعه. نقول إذا صدرت تلك الكلمات القرآنية بواسطة الراديو دون خلل في القراءة، ومع مراعاة أحكام التجويد، ولو لم يقصد القارئ التعبد بتلاوتها، وإسماعيل للعظة والاعتبار والتدبر، وفي محل غير ممتهن. فلا شك في الجواد، وفي أن كلا من القراءة والسماع عبادة. أما إذا اختلت حروف تلك الكلمات ولم تصدر مستوفية لما ذكرناه، أو قصد بقراءتها وإسماعيل اللهو واللعب، والعبث والتلهي مثلا، أو كانت في محل ممتهن كالخمارات والقهاوي، وأماكن الرقص ومواضع الملاهي، وفي كل موطن لا يليق قراءة القرآن فيه ولا سماعه. فلا شك في منع ذلك وعدم جوازه لأن ذلك استهزاء وإخلال بكلمات الله جل شأنه، ولما كان المسموع من الراديو هو صوت إنسان ذي قصد وشعور: والمسموع هو القرآن دون محاكاة، ولا صدى لصوته. فله كل حكم يتعلق بسماع القرآن بغير راديو وحينئذ يجب على سامع آية السجدة أو يسن له سجود التلاوة يفعله متى أمكنه ذلك. وبالجملة فوجوب سجود التلاوة عند سماع آية السجدة، أو سنيته يتوقف بعد كون المسموع قرآنا على شروط قد تكفلت ببسطها كتب الفقه الإسلامية، وقد يقال: قد لا يجب سجود التلاوة إذا سمعت آية السجدة من مكان بعيد لم تجر العادة بسماع الصوت منه قياسا على رؤية هلال رمضان حيث لا يجب الصوم إذا رآه حاد البصر جدا وإنما يجب إذا رآه معتدل البصر وهو وجه وجيه، إلا أن الأحوط أن يسجد عند الإمكان وهو الأفضل، وحيث كانت القراءة =

<<  <  ج: ص:  >  >>