وأَمْرُه لها على الوجوب عليها, إذ لا يؤخَّر حدٌ وجب لأمرٍ يُتَطوَّع به.
وقال إسماعيل القاضي: إنما وجب على الأم رضاعة لقول الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرى:٢٣٣] , ولا يسقط ذلك عنها ما كان يجب لها على الزوج من النفقة والكسوة لقوله عز وجل:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة"٢٣٣] , لأن الأب مات عديما, أو أعدَم وهو حي, ورضاعها قائمٌ في ثدييها, فإن انقطع دَرُّها بمرضٍ أو غيره لم يكن عليها سبيل, فإن خِيف عليه الموت لعدم الرضاع, وجب عليها أن تستأجر من مالها من يرضعه, وذلك من باب الإعانة, لأن من خاف على جائعٍ أو عاطشٍ الموت وجب عليه أن يُطعمه ويسقيه إن أمكنه ذلك, وكذلك كل مضطرٍ فإن إعانته واجبة.
[فصل ٢ - في إرضاع المطلقات أولادهن]
ومن المدونة: قال: والرضاع عليها إن طلقت طلاقاً فيه رجعةً إذا كانت ممن يرضع مثلها ما لم تنتقض العدة, فإذا انقضت, أو كان الطلاق بائناً ولم تنقض العدة فعلى الأب أجر الرضاع.
قلت: فإن قالت بعدما طلقها ألبتة: لا أرضعه إلا بمئة درهمٍ كل شهر, وأصاب الزوج من يرضعه بخمسين؟
قال: قال مالك: الأم أحق به بما يرضع به غيرها, وليس للأب أن يفرق بينه وبينها, فإن أبت أن ترضعه بذلك فلا حقَّ لها إلا أن يكون الولد لا يقبل غيرها وخيف عليه الموت فإنها تجبر على رضاعه بأجر مثلها.