قال الشيخ: وقوله: إذا وجد الأب من يرضعه بخمسين وقالت الأم: لا أرضعه إلا بمئه, فقال مالك: الأم أحق به بما يرضعه بما يرضعه به غيرها -يريد: بأجر مثلها لا بخمسين, وقاله بعض القرويين, وإليه رجع ابن الكاتب, وهو الصواب, وسواءً وجد من يرضعه غير الأم أم لا, لأنها وإن كانت عند الأم فهي التي تباشره بالرضاع والمبيت وذلك تفرقة بينه وبين أمه, فلذلك كانت الأم أحق به بأجر مثلها وهذا بيَّن.
قال مالك: ولو كان الأب معدماً لا يجد شيئاً وقد طلقها ثلاثاً فوجد مِن قرابته مَن يرضعه باطلاً فله ذلك, ويقال للأم: إما أن ترضعيه باطلاً أو فأسلميه, وكذلك إن كان الأب ليس بالواحد لا يقوى إلا على دون الأجر وأصاب من يرضعه بدون ذلك فللأم أن ترضعه بما وجد أو تسلمه إن قَبِلَ غيرها وإن كان الأب موسراً ووجد من يرضعه باطلاً فليس له ذلك, وللأم أن ترضعه بمثل ما يرضعه به غيرها.
قال ابن المواز: وكذلك إن وجد الملئ مَنْ يرضعه بدون الأجر فللأم أخذه بجميع الأجر, وهذا الذي أَخْتَاره من قول مالك, وروى عنه: أنها لا تأخذه إلا بما وجد, والأول أحسن, وقد قال الله تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[الطلاق:٦].
تم كتاب الرضاع بحمد الله وحسن عونه
وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً.