قال بعض فقهاء القرويين: إنما يصح جواب ابن القاسم على أحد وجهين: إما أن يكون الأجير صاحب صنعة يعمل الآجُرَّ والجِصَّ فيصير تأخير النقد جائزًا كما يجوز أن يأخذ من الجزار والخباز كما يوم خبزًا أو لحمًا والثمن متأخر فيكون على هذا التأويل جائزًا قدم النقد إليه أو أخره، ويشرع في العمل، أو يكون المأخوذ منه من الآجر والجص يطول أخذ جملته حتى يكون أخذ المعجل منه يسيرًا في جنب ما يتأخر منه لا قدر للمتعجل منه لكثرته، فيكون أيضًا جائزًا؛ لأنه قد تأخر جله لمثل أجل السلم فسهل فيما تقدم منه ليسارته، وإنما قلنا ذلك؛ لأنه جعله في عمل رجل بعينه فلم يجز تأخير إجارته لما عقد مع عمله سلم في أجر وجص، والمضمون أيضًا يحتاج إلى أن يتأخر إلى مثل آجال السلم، فإن أخر عمله إلى أن يتأخر إلى مثل أجل سلم الآجر والجص وانتقد إجارته لم يجز؛ لأنه رجل بعينه، وأيضًا فلا تجوز إجارته إلا أن يشرع في العمل.
قال ابن حبيب: كل ما استعمل فيه الصناع فهو عمل مضمون حتى يشترط عليهم عمل أيديهم، وإلا فلهم استعمال غيرهم إلا من عرف أنه يُقْصَد لرفعة وفضل عمله، فلا يكون عليه مضمونًا إن فات ولا يستعمل هو غيره وهذا معنى قول مالك.