لهما فأخذاه، ثم رجعا فقالا: إنما اقر به عندنا لفلان منهما، فهاهنا يغرمان للذي أقر له قيمة نصف العبد؛ لأنهما أتلفاه عليه، هذا إذا كان الذي كان العبد في يده يقول: هو الذي شهدا له أخيراً، وإن كان إنما يدعيه لنفسه وينكر شهادتهما فليغرما نصف قيمته للمشهود عليه، ولم يكن للمقر له به آخراً إلا نصفه.
قال في كتاب ابن المواز: وإذا حكم بشهادتهما، ثم رجعا، فهو المقضي عليه قبل أن يؤدي، فطلب المقضي له أن يأخذ الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم، قال: لا يلزمهما غرم حتى يغرم المقضي عليه فيغرمان حينئذ له، إن اقر بتعمد الزور، ولكن ينفذ القاضي الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم هرب أو لم يهرب، فإذا غرم أغرمهما، وكذا لو شهدا على رجل بحق إلى سنة ثم رجعا فلا يرجع عليهما حتى تحل السنة ويغرم هو، وله أن يطلب المقضي لذلك عليهما، ولا يغرمان الآن.
قال محمد بن عبد الحكم: للمضي عليه أن يطلب الشاهدين بالمال حتى يدفعاه عنه إلى المقضي له.
قال: وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يحكم على الشاهدين بشيء حتى يؤدي المقضي عليه، وفي هذا تعريض لبيع داره وتلاف ماله، واللذان أوجبا ذلك عليه قيام. أرأيت لو حبسه القاضي في ذلك أيترك محبوساً ولا يغرم الشاهدين؟ بل يؤخذان بذلك حتى يخلصاه، فإن لم يفعلا حبسا معه، والله الموفق للصواب.