شهادتهما الآخرة باطلة والحكم ماض. وروي ذلك عن عبد العزيز بن أبي سلمة بن أبي القاسم. وكذلك سمعت عبد الملك وابن عبد الحكم يقولان: وقاله أصبغ، وقاله غير أصحاب مالك من العلماء.
واختلف أصحاب مالك هل عليهما الأدب؟
فقال ابن القاسم وعبد الملك: عليهما الأدب الموجع، وقال أيضاً: لو أدبا معاً لكانا لذلك أهلاً.
وقال ابن عبد الحكم: لا أدب عليهما؛ لأن ذلك توبة، وليس على تائب ضرب ولو ضربا ما رجع راجع عن باطل، وقاله أشهب. وقاله: وكذلك المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يعاقب، وكثير من يختار القتل على الضرب.
[مسألة: استقالة الشاهد بعد الحكم أو قبله]
ومن كتاب الأقضية: وإن استقال الشاهد بعد الحكم لم يقبل ولا تجوز شهادته فيما يستقبل وإن استقال قبل الحكم وادعى وهما وجاء بما يشبه أقيل ولا تبطل شهادته إلا أن يعرف كذبه فيما جاء به فترد في هذا وفي غيره.
فصل [٣ - في رجلين يشهدان على رجل أنه أقر لرجلين بمئة دينار فقضي بذلك
لهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما لأحدهما]
قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد شاهدان على رجل أنه أقر لفلان وفلان بمائة دينار فقضى بذلك لهما، ثم رجع الشاهدان فقالا: إنما شهدنا بها لأحدهما وسميناه، فإن للمقتضي عليه بالمائة أن يرجع عليهما بخمسين؛ لأنهما أقرا أنهما أخرجاها من يده إلى من لا حق له فيها، فلا تقبل شهادتهما للآخر أن المائة كلها له؛ لأنهما مجرحان برجوعهما، ولا عليهما أن يغرما له شيئاً؛ لأنه إن كان له حق فقد بقي على من هو عليه، وليس قول من قال: إنهما يغرمان خمسين له بشيء؛ لأنهما إنما أخذا خمسين من مال المطلوب فأعطياها لمن لا شيء له عليه، ولو كان عبداً بعينه شهدا أنه أقر به لفلان وفلان فقضى به