وهم بالمدينة، فلم يأته منهم خبر، فخرج بتركتها إليهم فهلكت في الطريق، فهو ضامنٌ من حيث خرج بها من غير أمر أربابها.
[(٥) فصل [فيمن استودع وديعة فبالغ في الاحتياط في حفظها مخالفاً لأمر ربها]
قال محمد بن عبد الحكم: فيمن أودع رجلاً وديعةً فقال له: اجعلها في تابوتك ولا تقفل عليها، فجعلها في تابوته وقفل عليها فتلفت، فإنه يضمنها؛ لأن السارق إذا رأى التابوت مقفولاً كان أطمع فيه، ولو قال: اجعلها في التابوت ولم يقل غير ذلك، لم يضمن إن قفل عليها، ولو قال له: اقفل عليها قفلاً واحداً، فقفل عليها قفلين، لم يضمن؛ لأن السارق يطمع فيما يقفل بقفل أو بقفلين.
م: والسارق أطمع فيما يقفل بقفلين؛ لأنه خلاف العادة، فمزيد طمعه يوجب الضمان، والله أعلم.
ولو قال: اجعلها في قدر فخارٍ، فجعلها في سطلٍ نحاسٍ فضاعت، لضمن؛ لأن السارق عينه إلى سطل النحاس أكثر من الفخار، ولو قال: اجعلها في سطل نحاس، فجعلها في قدر فخارٍ فضاعت، لم يضمن.
[(٦)] فصل [فيمن استودع دراهم فخلطها بمثلها، ثم ضاع المال كله أو بعضه أو خلطها بدراهم مختلفة عنها، وكيف إن كان الخلط من صبي، وفي قسمة المخلوط]
ومن المدونة: ومن أودعته دنانير أو دراهم فخلطها بمثلها، ثم ضاع المال كله لم يضمن، وإن ضاع بعضه كان ما ضاع وما بقي بينكما؛ لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه، ولو عرفت بعينها كانت مصيبة كل واحدةٍ من ربها، ولا