إلا أن يكون بيده بعد السنة حبسًا كما شرط ربه، ويرجع هذا المعطى على رب الفرس، بما أنفق عليه السنة، وافتراق المسألتين في الكتاب بين؛ لأنه استشهد بالأولى على مسألة من حبس داره فاشترط على المحبس عليه أن ما احتاجت إليه الدار من مرمة رمها من ماله فقال: لا يصلح، وهو كراء فاسد، ولكن يمضي ذلك ويكون حبسًا وتكون مرمتها من كرائها؛ لأنها فاتت في سبيل الله تعالى، ثم استشهد بقول مالك في الفرس، فكذلك ينبغي إذا فاتت أن تكون حبسًا، ولما سُئل بعد هذا عمن وهب لرجل نخلاً وشرط لنفسه ثمرتها عشر سنين، فقال: إن سلم النخل للموهوب له يسقيها بماء نفسه لم يصلح؛ لأنه كأنه قال له: اسقها إلي عشر سنين ثم هي لك، ثم استشهد بمسألة الفرس الثانية فبان بذلك افتراقهما، وأن الأولى ترجع الفرس فيها إلى المحبس كما رجعت الدار، والثانية إلى ملك كما اشترط في النخل.
وذكر مثل هذا عن الشيخ أبي الحسن القابسي.
قال الشيخ أبو الحسن: في مسالة الفرس الأولى: إذا أدرك الأمر قبل تمام السنة فخُير المحبس وأسقط الشرط وأنفذ التحبيس فليدفع أيضًا ما أُنفق على الفرس؛ لأنها شرط من المحبس ثم بعد ذلك يتم الحبس، ألا ترى إلى قول مالك: أرأيت إن هلك الفرس قبل السنة أيذهب علفه باطلاً؟
وأما إن لم يُدرك حتى فات الأجل فقد فات بالتحبيس الذي لا شرط فيه، فلابد أن يغرم المحبس علف الفرس في السنة، وهو وجه قول مالك، والله أعلم.