وإنما لم يجعل على المحبس عليه قيمة الفرس إذا فات الأجل، من أجل أن الفوت إنما وقع من قبل المحبس، والمدبر إنما وقع فوته من قبل المشتري، وإنما شبهها بها في نفس الفوت فالعبد بنفس الشراء يكون مدبرًا، والفرس بتمام الأجل تكون حبسًا.
قال: ومعنى دفعه الفرس في المسألة الثانية أن المدفوع إليه يغزو عليه سنتين أو ثلاثة، ويكون ثواب عمل الفرس في الغزو للدافع، والمدفوع إليه ينفق على الفرس في الأجل ثم هو للمدفوع إليه بعد الأجل بتلاً، فصارت النفقة عليه في الأجل ثمنًا له، وشرط البيع إنما وقع بعد حلول الأجل، فهذا إن أدرك قبل تمام الأجل فالدافع بالخيار: فإن شاء أن يُمضي عطيته بلا شرط ويدفع ما أنفق عليه، وإن أبى ارتجع فرسه وغرم ما أُنفق عليه، وإن لم يعلم بذلك حتى مضى الأجل فإن لم يتغير الفرس بحوالة سوق فأعلى، فسخ البيع؛ لأنه الآن صار بيعًا فاسدًا فيُفسخ ويغرم له ما أنفق عليه، وإن فات بشيء من وجوه الفوت غرم القابض قيمة الفرس حين حل الأجل؛ لأنه من ذلك الحين ضمنه- يريد: ويرجع على الدافع بما أنفق عليه- قال: وإن كان إنما قبضه على أن يغزو عليه بنفسه من الدافع رجع عليه بأجر مثله إن كان قد غزا عنه.
قال يحيى بن عمر في الدار المشترط مرمتها على المحبس عليه، إن ذلك إذا وقع مضى الحبس وسكن المحبس عليه، فإن احتاجت إلى مرمة أخرجناه منها وأكريناها من غيره بقدر مرمتها، فإذا أرمت وانقضى أجل الكراء رجع فسكن، إلا أن يقول المحبس عليه: أنا أسكن وأرم بقدر ما يُكرى من غيري، فذلك له، ولا يخرج كذلك إن احتاجت بعد ذلك فهو على ما فسرنا، وهذا معنى ما في المدونة إلا أن هذا أقيس.