شاءوا فعل, فإن لم يحمله الثلث فما حمل منه صنع فيه مثل هذا, ولا يخير الورثة في
هذا؛ لأن الميت استوعب ثلثه وقطعه عنهم للأبد.
قال أبو محمد: يريد لأنه لما أبده للمساكين, فكأنه أوصى لهم بعينه.
[(٢)] فصل [في شراء ما أوصى له به]
ومن المدونة قال مالك: ومن أسكن رجلاً داراً حياته, ثم أراد بعد ذلك
أن يبتاع منه السكنى, فلا بأس به.
قال ابن وهب وابن نافع: وقاله عبد العزيز بن أبي سلمة,
قال سحنون: والرواة كلهم في الدار على ذلك. لا أعلم بينهم فيه اختلافاً.
قال ابن القاسم: ولا بأس لورثته أيضاً أن يشتروا سكناها, يريد: لأنهم
ورثوا ما كان لميتهم وحلوا محله.
قال ابن القاسم: وكذلك لو أوصى له بثمرة حائطه حياته فلا بأس
لصاحب النخل أن يشتري الثمرة, وإن مات الموصي والثلث يحمل الحائط, فلورثته
أيضاً أن يشتروا الثمرة من الموصى له؛ لأن الأصل لهم, وإنما شراؤهم
للثمرة قبل أن تثمر كشرائهم للسكنى في الغرر سواء, لا بأس به.
وإنما جاز ذلك؛ لأن أصله معروف, فأُرخص فيه كما أُرخص في شراء
العرية بخرصها تمراً, والامتناع من مثل هذا داعية إلى انقطاع المعروف, فخفف لهذا, والله أعلم.