قال ابن القاسم: وكل من حبس على رجل حائطاً له حياته, أو داراً حياته
ثم أراد أن يشتريهما جميعاً, فلا بأس به, وكذلك من أخدم رجلاً عبده حياته أو
أوصى بالخدمة أو السكنى حياته, فلصاحب ذلك أن يشتريه هو أو ورثته من
المعطي, ولا يجوز بيع ذلك من أجنبي, وقد قال مالك فيمن أعرى عرية, ثم
باع بعد ذلك حائطه أو ثمرته أنه يجوز لصاحب الثمرة أن يشتري تلك العرية
بخرصها تمراً, كم يجوز لصاحب الحائط, وكذلك الموصى له بالخدمة حياته يبيع
تلك الخدمة من ورثة الموصى بدين, ولا يجوز بيع تلك الخدمة من أجنبي, وإنما
يجوز أن تبيع خدمة العبد من أجنبي أو تُؤجره إياها مدة قريبة كسنة أو سنتين,
وأمد مأمون, ولا يكريه إلى أجل بعيد غير مأمون, بخلاف كرائه لعبده.
وقد قال مالك: ومن أكرى عبده من رجل عشر سنين, فلا بأس به, وما
رأيت أحداً فعله.
قيل لابن القاسم: فلم أجاز لسيد العبد أن يكريه عشر سنين, ولم يجز
للمخدم حياته أن يكريه أجلاً بعيداً؟ فقال: لأن سيد العبد إذا مات لزم ورثته تمام
الكراء بقية الأجل, والمُخدم حياته إذا مات بطل فضل ما تكاراه إليه؛ لأنه يرجع
إلى ورثته كما رجع إلى ورثة مالكه, فلا يجوز من بيع خدمته إلا الأمد المأمون,
وأما الموصى له بخدمة عبد عشر سنين, فلا بأس أن يكريه فيها؛ لأن المخدم هاهنا
إذا مات ورث ورثته خدمة العبد بقية الأجل
وقال غيره: لم يعتبر موت العبد في الإجازات؛ لأنه أمر لا يقدر على
دفعة, وإن بطلت الإجازة بموت غير العبد فذلك غرر, فمتى صارت الإجازة تبطل
بموت غير العبد لم تجز.
وقال ابن المواز: ومن اسكنه رجل داراً حياته, فلا يجوز له أن يكريها إلا