وكذلك اختلفوا في عتق السائبة وهو: أن يعتق الرجل عبده شكراً لله عز وجل فيقول: قد أعتقتك سائبة لله جل جلاله، أو يقول: قد سيبتك.
واختلفوا في الولاء لمن يكون؟ ولم يختلفوا في نفاذ العتق.
فذهب مالك وأصحابه: إلى أن الولاء فيه لجميع المسلمين؛ لأن المعتق كأنه أعتقه عن جميع المسلمين فيكون الولاء لهم.
قال سحنون: وقد أعتق جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم سوائب فلم يرثوهم، وكان ميراثهم للمسلمين.
وأن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ميراث السائبة لبيت مال المسلمين.
وكتب به عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله.
وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن ولاء المعتق سائبة لمن أعتقه.
وحجته في ذلك قوله -عليه السلام-: (الولاء لمن أعتق) ولمن يخص، فغير جائز أن يخص أحد ما لم يخصه صاحب الشريعة -عليه السلام-.
ولا فرق بين قول الرجل لعبده: أنت حر سائبة ولا بين قوله: أنت حر ولم يقل سائبة؛ لأنه إذا أعتقه فقد سيبه.
ولو كان لا يكون له ولاؤه لضارع ذلك ما سيب من الأنعام في الجاهلية؛ لأنهم حرموا الانتفاع بها، فنهى الله عز وجل عن ذلك لقوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ}[المائدة:١٠٣] واحتج في ذلك المالكيون بأن قالوا: لو ضارع عتق