وقيل ولاؤهم ثابت لموالي الأم لا ينتقل عنهم بعتق الأب.
وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وإليه ذهب قبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بن مروان وجماعة من أهل العلم.
واحتج من ذهب إلى هذا بأن قال: اجتمعت الأمة أن ولاء الولد قد ثبت لموالي أمه إذا كان أبوه عبداً، فلما عتق العبد اختلفوا في انتقال الولاء عن مواليه، فغير جائز أن يزول ما ثبت بإجماع الأمة إلى إجماع مثله أو خبر عن الرسول -عليه السلام- أو عن الصحابة -رضي الله عنهم- لا معارض له.
والحجة عليهم أن يقال لهم: إذا اتفقنا أن لو ولدها الأب بعد عتقه لكان ولده بإجماع لمواليه فلما أولدها وهو عبد كان الولاء لوالي أمهم لعلة عبودية العبد، فلما زالت العلة رجع الإجماع على حاله، وهذا كولد الملاعنة فإن موالي أمه يعقلون عنه ويرثونه في قول جمهور العلماء، فإذا استحلفه أبوه رجع ولاء الولد لمواليه.
وفي هذه المسألة قول ثالث وهو أن الأب إذا عتق جر ولاء ولده إلى مواليه فإن مات الأب رجع ولاء الولد إلى موالي أمه، وروي ذلك عن ابن عباس ولم يقله غيره.
[فصل ٢ - تفريع] مسائل من هذا الباب
[مسألة] إذا تزوج الحر المعتق أمة فعتقت فجاءت بولد بعد العتق لأقل من ستة أشهر فولاء الولد لموالي الأم؛ لأنها كانت حاملاً يوم عتقت، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر يوم عتقت فولاء الولد لموالي العبد؛ لأنه يمكن أن تكون حملت به بعد العتق إلا أن يقر موالي الأب أنها كانت حاملاً يوم عتقت فيكون ولاء الولد لموالي الأم.