ولما ثبت أنه عالم قادر استحال أن يقصد إلى فعله وليس بحي، ولو جاز ذلك لم يدر فعل سائر ما يظهر من الحيوان من تدبرهم، وسائر صنائعهم تظهر منهم وهم موتى، فلما استحال ذلك ثبت أنه حي.
والدليل على أنه واحد: أنه لما ثبت أن للعالم محدثا أحدثه، ولم يكن في الأفعال ما يدل على صانع ثان، فلو أثبتنا الأفعال ثانيا لم يقم عليه دليل، ولم يكن أولى من إثبات ثالث ورابع وذلك لا نهاية له، وذلك محال، وما أدى إلى المحال محال.
-وأيضا- فلو كان للعالم أكثر من صانع لكان لا يستحيل أن يريد أحدهما خلاف ما يريد الآخر، فإن تم ما يريد أحدهما، فالذي لم يتم مراده عاجز، والعاجز لا يكون إلها، فدل أن صانع العالم واحد.
والدليل على أنه سميع بصير: أنه لما ثبت أنه حي، والحي إذا لم يكن سميعا بصيرا كان موصوفا بضد السمع والبصر، ومن ذلك من الآفات الدالة على حدث من جازت عليه وقد أثبتنا أنه قديم.
-وأيضا- فإنه لو كان غير سميع بصير لعجز عن الرؤية والسمع والعاجز لا يكون إلها.