ومنه ما روي عن يحيى بن عمرو ويحيى بن مسكين يرفعان ذلك إلى معاذ بن جبل قالا: قال معاذ: تعلموا العلم فإن تعليمه لله عز وجل خشية، وطلبه عبادة، وذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، والفكرة فيه تعدل بالصيام، ومدارسته تعدل بالقيام، وتعليمه لمن لا يعلم صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبيل أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والتزين عند الأخلاق، والقريب عند البعداء، يرفع الله به عز وجل أقواما فيجعلهم في الخير قادة هداة يهتدى بهم، وأئمة في الخير يقتدى بهم ويقتص آثارهم، وتزين أعمالهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، حتى كل رطب ويابس لهم مستغفر، حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها؛ لأن العلم حياة القلوب من العمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد منازل الأبرار، ومجالسة