للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلُ كَفْرَةَ، فَيَعْمَلُونَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ لاَ يَثْبُتُ فِيهَا غَيْرُهُمْ، فَانْطَلِقْ إِلى أَهْلِ نَصْرَةَ، فَإِنْ ثَبَتَّ فِيهَا، وَعَمِلْتَ عَمَلَ أَهْلِهَا، فَلاَ شَكَّ في تَوْبَتِكَ (١)، فانْطَلَقَ يَؤُمُّها (٢) حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَرْيَتِيْنِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَسَأَلَتِ الملائِكَةُ رَبَّهَا عَنْهُ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلى أَي الْقَرْيَتِينِ كانَ أقْرَبَ، فَاكْتُبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلى نَصْرَةَ بِقيدِ أُنْمُلَةٍ (٣) فكُتِبَ مِنْ أَهْلِهَا.

أنا عند ظن عبدي بي

٣٠ - وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي (٤)، وَأَنا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي (٥)، وَاللهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ (٦)

يَجِدُ ضَالَّتَهُ (٧) بِالْفَلاَةِ (٨)، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ


(١) أي علامة قبولك سلوكك مسلك المطيعين.
(٢) يقصدها.
(٣) أي بمقدار ذرة صغيرة جداً. فانظر إلى سعة رحمة الله ولطفه وإدراكه من أناب إليه كما قال تعالى: [ويعفو عن كثير].
(٤) قال القاضي: قيل معناه بالغفران له إذا استغفر والقبول إذا تاب والإجابة إذا دعا والكفاية إذا طلب الكفاية، وقيل المراد به الرجاء وتأميل العفو، وهذا أصح أهـ نووي ص ٢ جـ ١٧.
(٥) أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية، وأما قوله تعالى: [وهو معكم أينما كنتم] فمعناه بالعلم والإحاطة.
(٦) قال العلماء: فرح الله تعالى رضاه. وقال المازري: الفرح ينقسم إلى عدة وجوه: منها السرور والسرور يقاربه الرضا بالمسرور به فالمراد هنا أن الله تعالى يرضى توبة عبده أشد مما يرضى واجد ضالته بالفلاة فعبر عن الرضا بالفرح تأكيداً لمعنى الرضا في نفس السامع ومبالغة في تقريره أهـ نووي ص ٦٠ جـ ١٧.
بخ بخ أيها المسلم بحب الله لك التوبة: أي ترجع إليه نادماً مقصراً على درك الحسنات وتستعد للمستقبل فتعمل صالحاً ليشملك بعزه وبرضاه، وتأمل في الحديث. رجل في مفازة يملك شيئاً نفيساً عزيزاً غالياً ثميناً فتفقده فلم يجده وضاع منه وصار يبحث عنه بجد وكد ثم وجده. ما مقدار فرحه بالعثور على بغيته والحصول على ماله؟ إنه لشديد الحبور. والله تعالى كثير الرضا عن التائب أكثر من الذي وجد ما يهوى:
أ -[أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم (٧٤)] من سورة المائدة.
ب -[وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون (٦٠) وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (٦١) ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (٦٢) قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين (٦٣) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (٦٤)] من سورة الأنعام.
إن شاهدنا مراقبة الله تعالى لعبده أن جعل له ملائكة تحفظ أعماله ومع ذلك يعفو سبحانه فيثق العبد بلطف سيده ويعتمد على عفوه وستره [مولاهم] الذي يتولى أمورهم ويحكم بالحق: أي العدل، ثم ساق لهم بعض نعمه [تضرعاً وخفية] معلنين ومسرين [كرب] غم ولكن تعودون إلى الشرك ولا توفون بالعهد. فانظر إلى مدى حلم الله بعباده.
(٧) الشيء المفقود.
(٨) الصحراء: أي الأرض القفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>