للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر (١):

* ولَوْلاكَ لَمْ يَعْرِضْ لأحْسَابِنَا حَسَنْ *

واحتجَّ سيبويه على أن الضميرَ هنا مجرور بأَنَّ هذه الضمائر التي هي (الهاء والكاف والياء) إما أن تكونَ ضمائرَ نصب أو ضمائرَ جرٍّ، ومُحالٌ أن تكونَ ضمائرَ رَفع، ولا يجوز أن تكون ضمائر نصب؛ لأن الحروف إذا اتَّصَلَ بها ياء المُتكلم وكانت في موضع نصب اتَّصَلَ بها نون الوقاية، نحو: "إنى وإنني وكأَنى وكأنني" فإن أدَّى ذلك إلى اجتماع مِثْلين جاز حذف نون الوقاية، فيقال: "إنى وكأنِّي ولكنِّي "، فلو كانت "الياءُ" ضميرَ نصب لقالوا: "لولانى" كما قالوا. "ليتني" ولم يأتِ ذلك، فتعيَّنَ أن تكود ضميرَ جرٍّ، فإذا ثبتَ هذا في (الياء) فكذلك في (الكاف والهاء).

وأما الكوفيون فاحتجُّوا بأن الظاهرَ لا يقعُ بعد هذه الحروف إلاّ مرفوعًا، فكذلك المضمَرُ، وقد وُجد ذلك في المنفصل، فيكون المُتَّصِلُ كذلك، ولكن هذه الضمائرَ المتَّصِلة وقعتْ موقعَ الضمائر المنفصلة، كما يقعُ المنفصل موقعَ المتَّصل، فهما يتعاقبانِ ويتعاوَضانِ، فقالوا: "ما أنا كَأنْتَ "، فأوقعوا ضميرَ الرفع موقعَ ضمير الجر، فلذلك قالوا: "لَوْلاك " فأوقعوا ضميرَ الجرِّ موقعَ ضميرِ الرَّفع، فالتغيير وقع فى الصِّفة، لا في الإعراب، قالوا: وقد ثبت أنَّ (لولا) لا تعملُ في الظّاهر، فكيف تعمل في المضمَر؟.


(١) هو -فيما قيل-: عَمرو بن العاص -رضي الله عنه- والبيت في "الإنصاف ": (٢/ ٦٩٣)، و"شرح ابن عقيل ": (٣/ ٧) وصدره:
* أنُطمع فينا من أراق دِمَاءَنا *