للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسه، وإن ألقى نفسه في الهلاك، لم يكنْ من هذا الأجر على يقين، بل ولا يستلزمُ: ذلك الإيمان (١) بالثواب، بل إذا تصوَّرَ حمدَ الناس له على صبره وعدم جزعه بإلقاء نفسه في الهلاك هَرَبًا مما لابُدَّ له منه رأى الصبر أحمدَ عاقبةً، وأنفعِ له أجلًا، فمحكِّم العقل يقدِّمُ الصبَّر، ومحكِّم الحِسَّ يهربُ من التَّلف إلى التَّلَف، فليست الطباعُ في هذا متكافئة، واللهُ أعلمُ.

فائدة

يُذكر عن كعب الأحبار (٢) قال: قرأت في بعض كتب الله تعالى: (الهديَّةُ تفقأُ عين الحَكَمِ) (٣)، قال ابن عقيل: معناه: أن المحبَّة الحاصِلَةَ للمُهْدَى إليه، وفرحه بالظَّفَر بها، وميله إلى المُهْدِي، يمنعُهُ من تحديق النظر إلى معرفة باطل المهدِي وأفعاله الدَّالَّة على أنه مُبْطِلٌ، فلا ينظر في أفعاله بعينٍ ينظر بها إلى من لم يُهْدِ إليه، هذا معنى كلامه.

قلت: وشاهده الحديثُ المرفوعُ الذي رواه أحمد في "مسنده " (٤).

"حُبُّك الشَّيءَ يعْمي ويُصِمُّ" (٥). فالهديَّةُ إذًا أوجبتْ له محبَّةَ المُهْدِي، ففقأتْ عينَ الحَق، وأصمَّت أذنَهُ.


(١) (ظـ): "للإيمان".
(٢) من (ق).
(٣) انظر: "الفروع": (٦/ ٣٩٣)، و"المبدع": (١٠/ ٤٠).
(٤) (٥/ ١٩٤).
(٥) وأخرجه أبو داود رقم (٥١٣٠)، والبخاري في "التاريخ": (٣/ ١٥٧)، وابن عدي: (٢/ ٣٩) وغيرهم من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- والحديث فيه ضعف. أنظر: "المقاصد الحسنة": (ص/ ١٨١).