للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أنّ رحمة الله عامة وسِعَت كلَّ شيء، وصلاته خاصة بخواص عباده.

وقولهم: "الصلاةُ من العباد بمعنى الدعاء"، مُشْكِل من وجوه:

أحدها: أنّ الدعاء يكون بالخير والشر، والصلاة لا تكون إلَّا في الخير.

الثاني: أنّ "دعوت" تعدّى باللام، و"صلّيت" لا تعدّي إِلَّا بعلي، و"دعاء" المعدّى بعلى ليس بمعنى صلّى، وهذا يدل على أنّ الصلاة ليست بمعني الدعاء.

الثالث: أنّ فِعْل (١) الدعاء يقتضى مدعوا ومدعوًّا له، تقول: دعوت الله لك بخير، وفِعْل الصلاة لا يقتضي ذلك، لا تقول: صليت الله عليك، ولا لك، فدل على أنَّه ليس بمعناه، فأيُّ تباين أظهر من هذا، ولكن التقليد يُعْمي عن إدراك الحقائق، فإياك والإخلاد إلى أرضه.

ورأيت لأبي القاسم السهيلي كلامًا حسنًا في اشتقاق الصلاة، وهذا لفظه، قال: "معنى (٢) اللفظة حيث تصرَّفت ترجع إلى الحُنُو والعَطْف، إلا أنّ (٣) الحنو والعطف يكون محسوسًا ومعقولًا، فيُضاف إلى الله منه ما يليق بجلاله، ويُنفى عنه ما يتقدَّس عنه، كما أن العلو محسوس ومعقول، فالمحسوس منه صفات الأجسام، والمعقول منه صفة ذي الجلال والإكرام وهذا المعنى كثير موجود في الصفات،


(١) سقطت من (ق).
(٢) (ظ ود): "معني الصلاة ... ".
(٣) (ق): "لا لأنَّ".