للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

* ومِنْ ذلك قولُه تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)} [البقرة: ١٤٢].

هذا سؤالٌ من السفهاءِ أوردوه على المؤمنينَ، ومضمونهُ: أن القبلةَ الأولى إن كانت حقًا فقد تركتُمُ الحَقَّ, وإن كانت باطلاً فقد كنتم. على باطلٍ، ولفظُ الآية وإن لم يَدُلَّ على هذا, فالسُّفهاءُ المجادلون في القِبْلةِ قالوه.

فأجاب اللهُ تعالى عنه بجواب شافٍ بعد أن ذكر قَبْلَه مقدِّماتِ تقرِّرُهُ وتوضِّحُهُ، والسؤالُ من جهةِ الكفَّار أوردوه على صُوَر متعدِّدة، ترجعُ إلى شىِء واحدٍ، فقالوا ما تَقَدَّمَ، وقالوا: لو كان (١) نبيًّا (٢) ما تركَ قِبْلَةَ الأنبياءِ قَبْلَهُ.

وقالوا: "لو كان نبيًّا ما كان يفعلُ اليوم شيئًا وغدًا خلافه".

وقال المشركون: "قد رَجَعَ إلى قبلتِكم فيوشِكُ أن يرجِعَ إلى دينكم".

وقال أهل الكتاب: "لو كان نَبيًّا ما فارقَ قِبْلَةَ الأنبياءِ"، وكثر الكلام وعظُمتِ المحْنَةُ على بعض الناسِ، كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة: ١٤٣].

وتأملِ حكمةَ العزيز الحكيم، ولطفَه وإرشادَه في هذه القصَّة،


(١) من قوله: "الكفار أوردوه ... " إلى هنا ساقط من "ق".
(٢) (ق): "نبيَّه".