للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنَّ الله سبحانه حيث ذكر الرحمة أجرى عليها التأنيث كقوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٥٦] وقوله فيما حكى عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ، أَوْ سَبَقَتْ غَضَبِي" (١)، ولو كان حذفُ "التاء" من الرحمة لكونها مصدرًا، والمصادرُ لا حظَّ للتأنيث فيها، لم يَعُدْ عليها الضمير إلا مذكَّرًا، وكذلك ما كان من المصادر بالتاء، كالقدرة والإرادة والحكمة والهمة ونظائرها، وفي بطلان ذلك دليلٌ على بطلان هذا المسلك.

فصل

المسلك التاسع: أن "القريب" يراد به شيئان:

أحدهما: النَّسَب في القرابة، فهذا بالتاء، تقول: "فُلانَةٌ قَريبةٌ لي".

والثاني: قرب المكان وهذا بلا "تاء"، تقول: "جَلَسَتْ (٢) فُلانَةٌ قَرِيبًا منِّي"، ولا تقول: "قَريبةً مني" وهذا مسلك الفَرَّاء وجماعة، وهو أيضًا ضعيفٌ، فإن هذا إنما هو إذا كان لفظُ القريب ظرفًا فإنه يذكَّر كما قال، تقول: "جَلَسَتِ المَرْأَةُ مني قَرِيبًا" فأما إذا كان اسمًا محضًا فلا.

فصل (٣)

المسلك العاشر: أن تأنيثَ الرحمة لما كان غيرَ حقيقيٍّ سَاغَ فيه حذف "التاء"، كما تقول "طَلَعَ الشَّمْسُ وَطَلَعتْ"، وهذا المسلكُ.


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٦٩٤)، ومسلم رقم (٢٧٥١) من حديث أبى هريرة - رضى الله عنه -.
(٢) من (ظ).
(٣) سقط من (ق وظ).