للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل كـ: "قرَّ واستقرَّ، ومرَّ واستمرَّ"، وقد يأتي بمعنى الصَّيرورة (ظ/٢٦٥ ب) كـ: "استنوق البعير، واستحجر الطين"، وبابُهما الفعل اللازم، وقد يأتي موافق تفعَّل، كـ: "تعظم واستعظَم".

وأما "استعتبت" فهو للطَّلب، أي: طلب الإعتاب، فهو لطلب مصدر الرُّباعيِّ الذي هو: "أعتب"، أي أزال عتبة، لا لطلب الثلاثيِّ الذي هو العتب، فقوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)} [فصلت: ٢٤]، أي إن يطلبوا إعتابنا وإزالة عتبنا عليهم. ويقال: "عتب عليه" إذا أعرض عنه وغضب عليه، ثم يقال: استعتب السَّيِّد عبده، أي طلب منه أن يزيل عتب نفسه عنه بعوده إلى رضاه، فأعتبته عبده، أي: أزال عتبه بطاعته. ويقال: استعتب العبد سيِّده، أي طلب منه أن يزيل غضبه وعتبه عنه، فأتبعه سيِّده، أي: فأزال (ق/٣٨٥ ب) عتب نفسه عنه، وعلى هذا فقوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} أي: وإن يطلبوا إعتابنا وهو إزالة عتبنا عنهم فما هم من المزال عتبهم؛ لأنَّ الآخرة لا تقال فيها عثراتهم ولا يقبل فيها توبتهم.

وقوله: {لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤)} [النحل: ٨٤] أي: لا يطلب منهم إعتابنا، وإعتابه تعالى: إزالة عتبة بالتَّوبة والعمل الصَّالح، فلا يطلب منهم يوم القيامة أن يعتبوا ربَّهم فيزيلوا عتبَهُ بطاعته واتِّباع رسله.

وكذلك قوله: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)} [الروم: ٥٧]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الطائف: "لك العتبي" (١) هو اسمٌ من الإعتاب لا من العتب، أي أنت المطلوب إعتابه، ولك


(١) تقدم ٢/ ٧٠٩.