حملُ اللَّفظِ على المعنى يُرادُ به صلاحِيَّتُهُ له تارةً، ووضعُه له تارةً، فإن أُرِيدَ بالحَمْلِ الإخبارُ (ظ/٢٧٠ ب) بالوضعِ طُوْلِبَ مُدَّعِيه بالنَّقْلِ، وأن أُريدَ صلاحِيَّتُه لم يكْفِ ذلك في حملِه عليه؛ لأنه لا يلزمُ من الصلاحِيَّةِ له أن يكونَ مُرادًا به ذلك المعنى، هذا إن أُريدَ بالحمل الإخبارُ عن مُرَادِ المتكلِّم، وإن أُريدَ به إنشاءُ معنى يدَّعِيه صاحبُ الحَمْل، ثم يحملُ عليه الكلامَ، فإنَّ ذلك يكون وضعًا جديدًا.
فليتأملْ هذا من قولِهم:"يُحْمَلُ اللفظُ على كذا وكذا"، فكثيرٌ من النُّظَّار أطلقَ ذلك، ولا يحصلُ معناها.
فائدة
تجرُّدُ اللفظِ عن جميع القرائنِ الدَّالَّةِ على مُرادِ المُتكلِّمِ ممتنعٌ في الخارج، وإنما يقدِّرهُ الذهنُ ويفرضُه، وإلَاّ فلا يمكنُ استعمالُه إلا مقيَّدًا بالمسند والمسند إليه ومتعلقاتِهما وأخواتِهما الدالَّة على مُرادِ المُتكلِّمِ، فإن كان كلُّ مقيَّدٍ مجازًا استحال أن يكونَ في الخارج لفظُ حقيقةٍ، وإن كان بعضُ المقيَّداتِ مجازًا وبعضها حقيقةً، فلا بُدَّ من ضابطٍ للقيودِ التي تجعلُ اللفظ مجازًا، والقيودُ التي لا تخرِجُهُ على حقيقتِه، ولن يجدَ مُدَّعُو المجازِ إلى ضابطٍ مستقيمٍ سبيلًا ألبَتَّةَ، فمَن كان لديه شيءٌ فَلْيذَكرْهُ.
فائدة
منعُ الدلالة شيءٌ ومنعُ المدلولِ عليه شيءٌ، فالثاني مستلزمٌ للأوَّلِ من غير عكس، فمن مَنَعَ الدلالةَ مع تسليمٍ للمدلول عليه، فانتقل عنه منازِعُهُ إلى دليلٍ آخَرَ كان انقطاعًا، وإن منع المدلولَ فانتقل عنه