للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

استدلَّ على أن النِّيَّة لا تُشترطُ في طهارة الماء بأن الماءَ خُلِقَ على صفات وطبيعة لا يحتاجُ في حصول أثرها إلى النية، فخُلِقَ طهورًا، وخُلق مُرْوِيًا، وخُلق مُبَرِّدًا وسيَّالاً (٢)، كلُّ ذلك طبعه ووضعه (٣) الذي جُعِلَ عليه، فكنا أنه لا يُحْتَاجُ إلى النية في حصول الرِّيِّ والتبريد به، فكذلك في حصول التطهير، يوضِّحُه: أنه خلق طاهرًا وطهورًا، وطاهريَّتُهُ لا تتوقَّفُ على نِيَّة، فكذلك طهوريته، يزيدُه إيضاحًا: أن عمله في أقوى الطهارتين -وهي طهارة الخبث- لا تتوقَّف على نية، فعدم توقف عمله على النية في الطهارة الأخرى أولى، وإنما قلنا: إنها أقوى الطهارتين؛ لأن سببها وموجبَها أمرٌ حِسِّيٌّ وخبث مشاهد؛ ولأنه لابُدَّ لها (٤) من التُّرَاب، فقد ظهرتْ قوَّتُها حِسًّا وشرعًا، يزيدُه بيانًا: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خُلِقَ الماءُ طَهُورًا" (٥) صريحٌ في أنه مخلوقٌ على هذه الصِّفة، و"طهورًا" منصوبٌ على الحال، أي: خلق على هذه الحالة من كونه طهورًا، وإن كانت حالاً لازمةً فهي كقولهم: خَلَقَ اللهُ الزَّرَافَة يَدَيْها أطولَ من رجْلَيْها، (ظ/ ١٩٤ ب)


(١) انظر "الفنون": (١/ ٢٩٣، ٢٩٩) لابن عقيل.
(٢) (ظ): "سائلاً".
(٣) (ق وظ): "ووصفه".
(٤) (ق): "لا يعلم بدلها"، و (ظ): "لا بدل لها".
(٥) أخرجه أحمد: (١٧/ ٣٥٩ رقم ١١٢٥٧)، وأبو داود رقم (٦٦) والترمذي رقم (٦٦)، والنسائي: (١/ ١٧٤) وغيرهم من حديث أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- بلفظ: "الماء طهور لا ينجسه شيء"، ولم أجده باللفظ المذكور.
والحديث حسنه الترمذي، وصححه أحمد وابن معين وابن حزم، انظر: "التلخيص": (١/ ١٣)، وله شواهد كثيرة.