للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فينبغي إن يكون قوله: "من صام (١) رمضان" مقصورا على العام الذي هو فيه، لما لَقدَّم من قولكم: إنه إنما يكون معرفة عَلَمًا إذا أردته لعامك أو لعامٍ بعينه.

قيل: قوله: "مَنْ صَام رمضان"، على العموم؛ خطابٌ لكل قرن ولأهل كل عام، فصار بمنزلةِ قولك: "من صام كلَّ عام رمضان"، كما تقول: "إن جئتني كلَّ يوم سحرا أعطيتك"، فقد [اقترنت به] (٢) قرينة تدل على التمادي وتنوب مَنَاب ذكر "كلِّ عام"؛ وقد اتضح الفرقُ بين الحديثين والآية. فإذا فهمت فَرْقَ ما بينهما بعد تأمل هذه الفصول وتدبرها، ثم لم تَعْدل عندك هذه الفائدة جميع الدنيا بأسرها فما قدرتها حقَّ قدرها، والله المستعان على واجب شكرها. هذا نص كلام السُّهيلي بحروفه، ثمَّ قال:

"فصل (٣)

الفعل، يعمل في الحقيقة إلا فيما يدل عليه لفظُه، كالمصدر والفاعل والمفعول به، أو فيما كان صفة لواحد من هذه نحو: "سرت سريعًا"، و"جاء: زيد ضاحكًا"؛ لأن الحالَ هي صاحبُ الحال في المعنى. وكذلك النعتُ والتوكيدُ والبدل؛ كلُّ واحد من هذه هو الاسم الأول في المعني، فلم يعمل الفعلُ إلا فيما دلَّ عليه لفظه؛ لأنك إذا قلت: "ضرَب" اقتضى هذا اللفظ "ضربًا" و"ضاربًا" و"مضروبًا"، وأقوى دلالته على المصدر؛ لأنه هو الفعل في المعنى،


(١) بالأصول: "قام"، والمثبت من "النتائج" بدليل ما بعده.
(٢) معرفة في الأصول، والإصلاح من "النتائج".
(٣) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٨٧).