للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: إن الحَلِفَ لا يكونُ حَلِفًا إلا بقَصْد، فيقال: إن كان القصدُ شرطًا في اعتبار المحلوف عليه لم يَحْنَثْ في الموضِعينِ، وإن لم يكنْ شرطًا فيه، فينبغي أن يحنَثَ في الموضعين، فأما أن يُجعلَ القصدُ شرطًا في أحدهما دونَ الآخر فلا وجهَ له، والله أعلم.

فائدة

استدل شيعيٌّ على الوصية لأهل البيت بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣].

فأجيب بأن قيل: هذه وصيَّةٌ بهم لا وصيةٌ إليهم (١)، فهي حجَّةٌ على خلاف قول الشيعة؛ لأن الأمر لو كانَ إليهم لأوصاهم ولم يُوصِ بهم، ونظير هذا الاحتجاج على أن الأمرَ في قريشٍ لا في الأنصار بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُوصِيكُمْ بالأنصَارِ" (٢) فدلَّ على أن الأمرَ في غيرهم.

قلت: وهذا كلُّه خروج عن معنى الآية وما أُريدَ بها، ولا دلالةَ فيها لواحدة من الطائفتين، فإن معنى الآية (٣): لا أسألكم عليه أجرًا إلا أن تَصِلُوا ما بيني وبينَكم من القَرَابة، فإنه لم يكن بطنٌ من بطون قريش إلا وللنبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم قَرَابَةٌ، فقال: لا أسألُكم على تبليغ الرسالة أجرًا، ولكن صِلُوا ما بيني وبينَكم من القرابة، وليست هذه الصِّلَةُ أجرًا، فالاستثناء منقطع، فإن الصِّلة من موجبات الرَّحِم، فهي واجبة


(١) (ق): "لهم".
(٢) أخرجه البخاري رقم (٣٧٩٩)، ومسلم رقم (٢٥١٠) من حديث أنسٍ- رضي الله عنه-.
(٣) من قوله: "وما أُريد بها ... " إلى هنا ساقط من (ق).