للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

ومن هذا القبيل: جلستُ خلفك وأمامك، وفوقُ وتحت، [وإزاءَ وتِلْقاء وحِذَاء، وكذلك: قربك وعندك؛ لأن] (٢) عندك في معنى القرب، لأَنها من لفظ "العَنَد"، قال الواجز (٣):

وكلُّ شيءٍ قد يحبُّ ولَدَه ... حتَّى الحُبَارَى فتطير عَنَدَه

أي: إلى جنبه، وهذه الألفاظ غير خافٍ أنها مأخوذة في لفظ الفعل، فخلف من "خَلَفت"، وقُدَّام من "تقدمت"، وفَوْق من "فُقْت"، وأمام من "أَمَمْتُ"، أي: قصدت، وكذلك سائرها، إلا أنهم: لم يستعملوا فعلاً من "تَحت"، ولكنها مصدر في الأصل أُمِيْت فعلُه.

وإذا كان الأمر فيها كلها كذلك، فقد صارت كـ "قبلُ" و"بَعْدُ" في الزمان، [وكعشيٍّ] وقريب، وصار فيها كلِّها معنى الوصف، فلذلك عَمِل الفعلُ فيها بنفسه، كما يعمل فيما هو وَصْف للمصدر أو وصف للفاعل أو المفعول به؛ لأن الوصف هو الموصوف في المعنى، فلا يعمل الفعل إلا في هذه الثلاثة أو ما هو في معناها؛ لأنها لا تدل بلفظها إلا عليها، كما تقدم، فقد بان لك أنه لم يمتنع الإخبار عنها، ولا دخول الجار عليها من جهة الإبهام كما قالوه؛ لأنه لا فرقَ بينها وبين غير المبهم في انقطاع دلالة الفعل عنها؛ إذ (ظ/١٠٠ ب) لا يدل الفعل بلفظه على مُبْهَمِها ولا على محدودها ولا على حركة فَلَك،


(١) من قوله: "مرور الزمان ... " إلي هنا ساقط من (د).
(٢) ما بين المعكوفين من "النتائج".
(٣) انظر: "غريب الحديث": (١/ ٤٣٩) للخطابي، و "المستقصى": (٢/ ٢٢٧) و"اللسان": (٣/ ٣٠٨).