للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأقوال، وهي مسألةُ الماء والمانع إذا خالطته النجاسةُ فاستُهلكت ولم يظهر لها فيه أثر ألبتة، والمذاهب فيها لا تزيدُ على اثني عشر مذهبًا (١) نذكرُها في غير هذا الموضع إن شاء الله.

أصحُها: مذهبُ الطهارة مطلقًا، مائعًا كان ما خالطه أو جامدًا، ماء أو غيره، قليلًا كان أو كثيرًا، لبراهينَ كثيرةِ قطعيّة أو تكاد، تُذْكر هناك إن شاء الله (٢).

وعلى هذا فإذا وقعتْ قطرةٌ من لبن في ماء فاستُهْلِكَتْ وشَرِبه الرَّضِيعُ لم تنتشرِ الحرمة، ولو كانت قطرةَ خمر فاستُهلكت في الماء ألبتةَ لم يُحَدَّ بشربه، ولو كانت قطرةَ بول لم يُعَزِّر بشرُبِه، وهذا لأن الحقيقة لما اسْتهْلكت امتنع ثُبوت الاسم الخاص بها، فبقِيَ الاسمُ والحقيقةُ للغالب فيتعيَّنُ ثبوت أحكامِه؛ لأن الأحكام تتبعُ الحقائقَ والأسماء، وهذا أحدُ البراهين في المسألة.

فصل (٣)

وأما القاعدة الثانية: وهي اشتباه المُباح بالمحظور.

فهذا إن كان له بدل لا اشتباهَ فيه انتقَلَ إليه وترَكَه، وإن لم يكن له بَدَل ودعَتِ الضَّرُورة إليه، اجتهَد في المباح واتَّقى الله ما استطاع. فإذا اشتبه الماءُ الطاهر بالنجِس انتقلَ إلى بَدَلِهِ وهو التيمم، ولو اشتبها عليه في الشُّرب اجتهد في أحدهما وشَرِبَهُ.


(١) (ع): "درهما"!!
(٢) انظر: "إعلام الموقعين": (٢/ ١١ - ١٤)، و"تهذيب السنن - مع المختصر": (١/ ٥٦ - ٧٤)، وليس فيها الأقوال المشار إليها هنا.
(٣) (ق): "مسألة"، وانظر مما سيأتي: (٤/ ١٣٤٠ - ١٣٤١).