للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو اشتبهت مَيتَة بمذكَّاةٍ انتقل إلى غيرهما، ولم يتحرَّ فيهما، فإن تَعَذَّرَ عليه الانتقال ودعتْهُ الحاجةُ اجتهدَ.

ولو اشتبهت أخته بأجنبية انتقلَ إلى نساءٍ لم يشتبهْ فيهنَّ، فإن كان بلدًا كبيرًا تحرَّى ونكحَ.

ولو اشتبه ثوبٌ طاهر بنجس انتقل إلى غيرهما، فإن لم يجدْ فقيل: يصلِّي في كل ثوب صلاةً ليؤديَ الفرض في ثوب مُتَيَقنِ الطَّهارة، وقيل: بل يجتهدُ في أحد الْثوبين ويصلِّي، وهو اختيار شيخنا أبي العباس (١) -قدَّس الله روحه-، قال: لأن اجتنابَ النجاسة من باب التروك، ولهذا لا تشترطُ له النيَّةُ (٢).

ولو صلَّى في ثوب لا يعلم نجاسَتهُ ثم عَلِمَها بعد الصَّلاة لم يُعِدْ الصلاة، فإن اجتهد فقد صلَّي ثوب يغلبُ على ظنه طهارته، وهذا هو الواجب عليه لا غير.

قلت: وهذا كما لو اشترى ثوبًا لا يعلم حالَه، جاز له أن يصَلِّيَ فيه اعتمادًا على غَلَبَةِ ظَنِّه، وإن كان نَجِسًا في نفس الأمر، فكذلك إذا أدّاه اجتهادُه إلى طهارةْ أحد الثوبين، وغلبَ على ظنه، جاز أن يُصَليَ فيه، وإن كان نَجسًا في نفس الأمر، فالمؤثِّر في بطلان الصلاة العلمُ بنجاسة الثوب لا نجاسته المجهولة، بدليل ما لو جَهِلَها في الصلاة ثم علمها بعد الصَّلاة لم يعد الصلاة (٣)، (ق / ٣٠٤ ب) فهذا القول ظاهرٌ جدًّا، وهو قياسُ المذهب.


(١) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص/ ٥).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى": (١٨/ ٢٥٨).
(٣) "لم يعد الصلاة" ليست في (ظ وع).