للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

ما يقول الفقيهُ أَيدَهُ اللـ ... ـهُ ولا زاكَ عندَهُ إحسان

في فتى عَلَّق الطَّلاق بشهرٍ ... قبلَ ما قبلَ قبلِهِ رمضانُ

في هذا البيت ثمانية أوجه: أحدها: هذا، والثاني: "بعد ما بعده: بعده"، والثالث: "قبل: ما بعد بعده"، والرابع: "بعد ما قبل قبله"، فهذه أربعة متقابلة، والخامس: "قبل ما بعد قبله"، والسادس: "بعد ما قبل بعده"، والسابع: "بعد ما بعد قبله"، والثامن: "قبل ما قبل بعده".

وتلخيصها: أنك إن قدمت لفظة (بعد) جاء أربعة: أحدها: بعدات كلها، والثانية: بعداد وقيل. الثالثة: بعد وقبلان. الرابعة: بعد وقبل ثم بعد. وإِن قدمت لفظة (قبل) جاءت أربعة كذلك.

فإذا عرفتَ هذا؛ فضابط الجواب عن هذه الأقسام الثمانية: أنه إذا اتفقت الألفاظ فإن كانت "قبلا" فيكون الشهر هو الذي تقدمَه رمضان بثلاثة أشهر، فيقعُ الطلاقُ في ذي الحجَّة، فكأنه قال: "أنت طالق في شهر ذي الحجَّة"؛ لأن المعنى: أنتِ طالق في شهر رمضاِن قبل قبل قبله، فلو قال: رمضان قبله طلقت في شوال، ولو قال: قبلَ


(١) هذان البيتان وشرحهما ذكرهما شهاب الدين القرافي في "الفروق": (١/ ٦٣ - ٦٨) وذكر أنهما من نوادر الأبيات وأشرفها معنى وأدقها فهمًا وأغربها استنباطًا، ثم ذكر أنه يمكن أن يستخرج منهما سبع مئة مسألة وعشريك مسألة، وأن هذين البيتين قد وقعا للعلامة أبي عمرو بن الحاجب فأفتى فيهما، وذكر نص فتواه، ثم زاد عليه أمورًا لم يتعرض لها.
ونقل هذه الفائدة عن "البدائع" المرداوي في "الإنصاف": (٩/ ٤٧)، والبهوتي في "كشاف القناع": (٥/ ٢٨٣)، وذكرها جماعة من الحنفية في كتبهم.