وليس هذا من الربا في شيءٍ، فإن الغريم يستحق الألفين استحقاقًا صحيحًا بوجه لا ربا فيه، وإنما يؤخَّرُ قبض بعض حقه ليستوفيه كاملًا، فليس هذا من باب الزيادة على رأس ماله لأجل الأجل في شيءٍ، وهذا حقيقة الربا.
وإنما هذا صبر منه ليستوفي ما وَجَب له بأصل العقد، كما لو كان الغريم حيًّا وأفلس، ولم يَسَع ماله لوفاء ما عليه، فيصبر الغرماء ليستوفوا حقهم كاملًا، ولا يُغني الفرق بأن ذمة الميت قد خربت بالموت، وذمة المعسر ياقية لوجهين:
أحدهما: المنع، بل الدين باقٍ في ذمةِ الميِّت، كما هو باقٍ في ذمة الحيّ، وإنما تعذَّرت المطالبة بالموت، والذمةُ مشغولةٌ مرتَهَنة بالدين، وتعذُّرُ مطالبَتِه كتعذر مطالبة الغريم إذا سقط عنه التكليف بالجنون، وذلك غير مانع من التأخير لتمام الاستيفاء، فكذا في الموت، وهذا على أصول أبي عبد الله وقواعِدِه أَطْرَد، والله أعلم.
ومن مسائل أبي جعفر محمد بن علي الورَّاق (١)
قيل له: قال: حجَّ عني، قال: يحجُّ عنه، يعني: يفرد الحج، قيل له: قال وما فَضَل فهو لك، كيف ترى؟ قال: إذا قال فأرجو أن يطيب له.
صلّى بنا أبو عبد الله يوم جمعة صلاة الفجر، فقرأ:(تنزيل السجدة، وعبس) فسها أن يقرأ السجدة، فجاورها فسجد سجدتي السهو قبل التسليم.
(١) الجرجانيّ المعروف بـ "حمدان" له عن أبي عبد الله مسائل حِسَان ت (٢٧١)، "طبقات الحنابلة": (٢/ ٣٣٤).