للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

وأما "أم" التي للإضراب وهي المنقطعة، فإنها قد تكون "أم" (٢) إضرابًا، ولكن ليس بمنزلة "بل" كما زعم بعضهم، ولكن إذا مضى كلامك على اليقين ثم أدركك الشك، مثل قولهم: إنها لإِبلٌ أم شاء؟ كأنك أضربت عن اليقين ورجعت إلى الاستفهام حين أدركك الشك.

ونظيره قول الزَّبَّاء: "عسى الغوير أَبؤْسا" (٣)، فتكلمت بـ "عسى الغوير " ثم أدركها اليقين فختمت كلامها بحكم ما غلب على ظنها لا بحكم "عسى"؛ لأن "عسى" لا يكون خبرها اسمًا [غير] (٤) حدث، فكأنها لما قالت: عسى الغُويَر قالته متوقعة شرًّا تريد الإخبار بفعل مستقبل متوقَّع كما تقتضيه عسى (٥)، ثم هجم عليها اليقين، فعدلت إلى الإخبار باسم حدث يقتضي جملة ثبوتية محقَّقة، فكأنها قالت: صار الغوير أبؤسا، فابتدأت كلامها على الشك والتوقع، ثم ختمته بما يقتضي اليقين والتحقُّق.

فكذا "أم" إذا قلت: إنها لإبل، ابتدأت كلامك باليقين والجزم، ثم أدركك الشك في أثنائه، فأتيت بأم الدالة على الشك، فهو عكس طريقه "عسى الغوير أبؤسا" ولذلك قدرت بـ "بل" لدلالتها (٦) على الإضراب، فإنك أضربت عن الخبر الأول إلى الاستفهام والشك،


(١) "نتائج الفِكْر": (ص / ٢٦٠) بنحوه، بزيادة كبيرة من المؤلف.
(٢) سقطت من (ق).
(٣) مثل ذكره الميداني في "مجمع الأمثال": (٢/ ٣٤١).
(٤) (ق): "عن" والمثبت من "النتائج".
(٥) من قوله: "اسمًا غير ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٦) (ق): "الدلالة ما".